قطر-
جريدة الراية-الأربعاء 29 أغسطس 2012م –
الموافق 11 شوال 1433هـ
تطبيق قانون مكافحة
الاتجار بالبشر ناقص
الراية تواصل نشر
تقرير حقوق الإنسان:
مطلوب سرعة إصدار اللائحة التنفيذيّة لسريان القانون
يجب على الضابط ووكلاء النيابة إخطار ضحايا الاتجار بحقوقهم
دعوة لإنشاء قوّة عمل داخل الشرطة للتعامل مع قضايا الاتجار بالبشر
توصيات بتعزيز قدرات المجتمع المدني في مناهضة الاتجار بالبشر
المطالبة بعدم محاكمة أي ضحيّة على فعل ارتكبته نتيجة للاتجار
كتب - أنور الخطيب:
ثمّنت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في تقريرها السنوي عن حالة حقوق الإنسان في قطر
إصدار القانون رقم ١٥ لسنة ٢٠١١ بشأن مكافحة الاتجار بالبشر، مؤكّدة أنه خطوة مهمّة
نحو مكافحة تلك الجريمة.
وأكّدت في تقريرها السنوي - الذي تُواصل الراية نشره على حلقات - أهمية القانون
بشكل كامل ووضع لائحة التنفيذية، مطالبة الجهات المختصّة بالعمل على تحضير مسودّة
اللائحة التنفيذية لهذا القانون..وفيما يلي تفاصيل الجزء الخاص بهذا القانون:
القانون رقم ١٥ لسنة ٢٠١١ بشأن مكافحة الاتجار بالبشر:
أصدر حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى -حفظه الله-
القانون رقم ١٥ لسنة ٢٠١١ بشأن مكافحة الاتجار بالبشر، وقد تناول القانون تعريف
جريمة الاتجار بالبشر. وحدّد العقوبات واجبة التطبيق في حالة ارتكاب أي من هذه
الجرائم، كما تضمّن أيضًا بعض الحقوق الواجبة لضحايا الاتجار بالبشر، وذلك في سياق
التأكيد على ضمان الحماية الكاملة لهؤلاء الضحايا باعتباره واجبًا من واجبات
الدولة.
وتُثمّن اللجنة جهود الدولة بشأن إصدار هذا القانون، ونعتبره خطوة مهمّة نحو مكافحة
الاتجار بالبشر، وقد ارتأت اللجنة أن تتناول التعليق على هذا القانون بشيء من
التفصيل كي تضع أمام الحكومة وأصحاب المصلحة، قراءة حقوقية لمواد هذا القانون، كما
ارتأت أن تُضمّن تعليقها توصيات للحكومة ولكل الجهات ذات الصلة من شأنها أن تُساعد
على ضمان تنفيذ القانون بالشكل الذي يتوافق مع التزامات الدولة الدولية، وبطريقة
تحترم حقوق الإنسان احترامًا كاملاً، وذلك على النحو التالي:
لا شك في أن هذا القانون يُمثّل خطوة مهمّة إلى الأمام، في جهود دولة قطر لمكافحة
الاتجار بالبشر. فهو القانون الأول من نوعه في قطر الذي يجرم كل أشكال الاتجار
بالبشر، ويُوفّر الحماية القانونية لضحايا الاتجار، فضلاً عمّا يُقدّمه من ضمانات
احترام حقوقهم، واللجنة من جانبها تُثني على تفعيل هذا القانون الذي انطلق من منظور
حقوق الإنسان في كثير من نصوصه المتسقة مع الآليات والمعايير الدولية.
إلا أن صدور مثل هذا القانون إنما يُعدّ الخطوة الأولى فحسب، في مواجهة الاتجار
بالبشر.
وعند الحديث عن أهميّة تطبيق هذا القانون بشكل كامل تأتي على رأس الضمانات وضع
لائحة تنفيذية للقانون، وهنا تجدر الإشارة إلى أنه في حين يُفترض أن تعمل الجهات
المختصّة الآن على تحضير مسودة اللائحة التنفيذية لهذا القانون، فإن اللجنة تودّ من
جانبها أن تُلفت انتباه المختصّين إلى عدد من النقاط المرتبطة بتطبيق القانون، وهي
نقاط مهمّة تتعلق بتعريف الاتجار، وتعريف المجني عليه، والتعرّف على الضحايا إضافة
إلى حقوق وخدمات حماية الضحايا الواجبة التوافر بحكم القانون، وسوف نتناول بيان تلك
النقاط على النحو التالي:
تعريف الاتجار:
تناولت المادّة الثانية من القانون تعريف جريمة الاتجار بالبشر وجاء تعريفها
مستلهمًا إلى حدٍّ كبيرٍ من التعريف الوارد في المادّة ٣ (أ) في بروتوكول باليرمو،
لكنها تطرح فهمًا أوسع لجريمة الاتجار ولا بدّ من الوقوف حول هذا المفهوم إذ أنه في
حقيقة الأمر هو لبّ القانون إذ أن القانون لن يُؤتي أيًّا من ثماره إذا لم يستقم
لدى الأفراد والجهات المفهوم الصحيح لجريمة الاتجار بالبشر. فالمادة ٢ من قانون
مكافحة الاتجار بالبشر تُعرّفه باعتباره جريمة مكوّنة من ثلاثة عناصر:
١ ) فعل الاتجار: هو التعامل بأية صورة في شخص طبيعي، بما في ذلك الاستخدام أو
النقل أو التسليم، أو الإيواء أو الاستقبال أو التسلم، سواء في داخل البلد أو عبر
حدودها الوطنية.
٢ ) أن يأتي هذا الفعل مقرونًا بوسائل معيّنة: بواسطة استعمال القوّة أو العنف أو
التهديد بهما، أو بواسطة الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع، أو استغلال السلطة، أو
استغلال حالة الضعف أو الحاجة، أو الوعد بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا مقابل
الحصول على موافقة شخص على الاتجار بشخص آخر له سيطرة عليه.
٣ ) أن يكون بقصد الاستغلال ويتضمّن الاستغلال في أعمال الدعارة، وسائر أشكال
الاستغلال الجنسي، واستغلال الأطفال في ذلك، وفي المواد الإباحية أو السخرة أو
الخدمة قسرًا، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق والاستبعاد، أو التسوّل أو
استئصال الأعضاء أو الأنسجة البشرية أو جزء منها.
وطبقًا للتعريف الوارد بالقانون، فإن إثبات جريمة الاتجار بالبشر يتحقق فقط مع
توافر العناصر الثلاثة مجتمعة، ففي حالة الفشل في تحديد أحد عناصر الجريمة، لا
يُمكن اعتبار أي حادث نوعًا من الإتجار بالبشر، لكن يُمكن اعتباره جريمة تخضع
لأحكام أخرى واردة بالقانون الجنائي أو قوانين أخرى وهذه نقطة غاية في الأهميّة
لضرورة الدقّة في التمييز بين جريمة الاتجار بالبشر والجرائم الأخرى ذات الصلة
نظرًا لاختلاف العقوبات المطبّقة في الحالتين، اعتمادًا على ما إذا كان تعريف
الجريمة اتجارًا بالبشر أم لا.
تعريف الاستغلال:
إن العنصر الثالث من عناصر التعريف ذلك الخاص بكون الفعل تم بقصد استغلال الضحية
يحتاج إلى تعريف كل نوع من أنواع الاستغلال في اللائحة التنفيذية المنتظر صدورها
تنفيذًا لهذا القانون، خصوصًا أن أغلب المصطلحات المستخدمة في القانون، هي مصطلحات
جديدة على القانون القطري، ومعظمها مستخدم في آليات القانون الدولي التي صدقت عليها
قطر. لذلك فإننا نُوصي أن تتضمّن اللائحة التنفيذية تعريفًا لتلك المصطلحات طبقًا
للتعريفات المتفق عليها دوليًّا في حال توافرها وذلك على النحو التالي:
> الاستغلال في أعمال الدعارة وسائر أشكال الاستغلال الجنسي:
إن بروتوكول باليرمو يستخدم مصطلحات «الاستغلال الجنسي» و«استغلال دعارة الآخرين».
ولكن هذه المصطلحات غير معرفة في القانون الدولي، ولذلك يجب على اللائحة التنفيذية
لقانون مكافحة الاتجار بالبشر أن تعرف تحديدًا ما المقصود بالاستغلال في أعمال
الدعارة وسائر أشكال الاستغلال الجنسي، كذلك يجب أن تعرف اللائحة سائر أشكال
الاستغلال الجنسي بأنها تشمل استخدام الأطفال في الدعارة، وإجبار شخص ما على تقديم
الخدمات الجنسية، أو على إنتاج مواد إباحية، كما يحب تعريف «دعارة الأطفال» كما
وردت في البروتوكول الاختياري الخاص ببيع الأطفال ودعارة الأطفال واستخدام الأطفال
في المواد الإباحية، الذي صدقت عليه قطر، حيث يتم تعريف «دعارة الأطفال» باعتبارها
استخدام الأطفال في الأنشطة الجنسية مقابل مكافأة مادية، أو أي مقابل آخر «المادة ٢
ب) ولا يجوز للمقصود بسائر أشكال الاستغلال الجنسي أن يتضمّن أي نشاط جنسي يحدث
بالتوافق بين بالغين.
> الاستغلال الجنسي للأطفال وفي الأعمال الإباحية :
يجب تعريف استخدام الأطفال في الأعمال الإباحية باعتباره "أي تمثيل، بأي وسيلة،
لطفل في نشاط جنسي واضح، سواء حقيقي أو ملفق أو أي تصوير للأعضاء الجنسية لطفل
لأغراض جنسية، وهو التعريف الوارد في البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل".
ومن المهم أيضًا الإشارة إلى أن قانون مكافحة الاتجار بالبشر سوف يطبق في ارتباط
بقانون العقوبات القطري القائم، لذلك يجب أن تعمل الحكومة على ضمان الانسجام بين
اللوائح التنفيذية لهذين القانونين.
السخرة والخدمة قسرًا :
عند تعريف السخرة أو الخدمة القسرية، يجب أن يتم تعريفها طبقًا لما هو معتمد
دوليًّا في تعريف «السخرة» أو العمل القسري، ومن أن اتفاقية منظمة العمل الدولية
الخاصة بالسخرة رقم ٢٩ تُعرّف السخرة باعتبارها كل عمل أو خدمة يُجبر الشخص عليه
تحت التهديد بأي عقوبة، أو لم يتطوّع الشخص للقيام به.
الرق، أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد :
يجب تعريف «الرق» والممارسات الشبيهة «بالرق» طبقًا للتعريف المعتمد دوليًّا، ومن
ذلك التعريف الوارد في اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بالرق، والتي تُعرّف الرق بأنه
حالة أو وضع أي شخص تُمارس عليه السلطات الناجمة عن حق الملكية، كلها أو بعضها.
كما أن اتفاقية الأمم المتحدة التكميلية لإبطال الرق وتجارة الرقيق والمؤسسات
والممارسات الشبيهة بالرق تُعرّف الممارسات الشبيهة بالرق كما يلي :
١ - رابطة الديْن : أي الحالة أو الظرف الناجم عن تعهّد المدين بخدماته الخاصة، أو
خدمات أشخاص تحت سيطرته ضمانًا للدين، إذا كانت قيمة تلك الخدمات حسب التقدير
الموضوعي لها لا تستخدم في سبيل تصفية الدين، أو كانت فترة مدّة أو طبيعية هذه
الخدمات غير محددة.
٢ - العبودية : أي ظرف أو حالة شخص، مجبور- يحكم القانون أو العرف أو اتفاق ما -
على أن يعيش ويعمل على أرض مملوكة لشخص آخر، ويُقدّم خدمات محدّدة لذلك الشخص سواء
بمقابل أو بدونه دون أن تكون له حرية تغيير وضعه.
التسوّل :
يضع قانون الاتجار بالبشر تعريفًا أوسع للاستغلال من تعريفه الوارد في بروتوكول
باليرمو، إذ يُصنّف القانون التسوّل ضمن الممارسات الاستغلالية المجرمة. كذلك تضع
إرشادات اليونيسيف لحماية الأطفال ضحايا الإتجار بالبشر التسول ضمن الأشكال
المختلفة للاستغلال، وذلك في تناولها للنصّ المعني به في بروتوكول باليرمو، ومن
هنا، لا يُمكن اعتبار القانون القطري للاتجار بالبشر نموذجًا فريدًا.
إذ إن الاستغلال في التسوّل، هو أحد أشكال العمل القسري، وقد يكون التسوّل هو ظاهرة
محدودة النطاق جدًّا في دولة قطر حاليًا إلا إنها أصبحت موجودة ولو بنسب ضئيلة،
وترى اللجنة أن المشروع أصاب حين قام بمعالجتها إذ إن من المفترض أن يُعالج المشرع
الأمور الآتية والمستقبلية.
وقد أكّدت المادّة الثالثة أنه لا يُعتدّ برضا المجني عليه على الاستغلال في أي من
صور الاتجار بالبشر متى استخدمت فيها أي من الوسائل الواردة في المادة ٢، وفي حال
أن ضحية الاتجار طفل أو شخص عديم الأهليّة لا تكون هناك حاجة إلى إثبات استخدام أي
من الوسائل المذكورة أعلاه، ولا يُعتدّ برضاه أو برضا المسؤول عنه أو متولّيه، وهو
توجّه محمود من قبل المشرّع أراد من خلاله إضفاء مزيد من الحماية على الأطفال
والأشخاص عديمي الأهليّة ضحايا الاتجار بالبشر والذين هم في حاجة إلى توفير قدر
أكبر من الحماية لهم.
المادة رقم (٤)
وتنصّ المادّة الرابعة من قانون مكافحة الاتجار بالبشر على أنه لا يُعدّ المجني
عليه مسئولاً مسؤولية جنائيّة أو مدنيّة عن أي جريمة من جرائم الاتجار بالبشر متى
نشأت أو ارتبطت مباشرة بكونه مجنيًّا عليه، وهذا النصّ في حدّ ذاته يُمثّل ضمانة
مهمّة لحماية ضحايا الاتجار، لأنه نتيجة للاتجار بالضحايا يُجبر العديد منهم على
ارتكاب أفعال مجرّمة.. ومن المهم أن تُوضّح اللائحة التنفيذية للقانون أنه لا يجوز
محاكمة أي ضحيّة على فعل ارتكبته نتيجة للاتجار، ونُوصي أيضًا بأن تنصّ اللائحة
التنفيذية على قائمة غير حصريّة من مواد القوانين التي لا يجوز محاكمة ضحايا
الاتجار بالبشر بموجبها، وقد أصاب المشرّع حين أورد نصّ المادّة (٢٥) من القانون
ذاته والتي تضمّنت النصّ على إعفاء المجني عليهم من العقوبات المقرّرة عن مخالفة
أحكام القانون رقم ٤ لسنة ٢٠٠٩ بتنظيم دخول وخروج الوافدين وإقامتهم وكفالتهم.
حماية الضحايا :
يُمكن اعتبار نصوص الموادّ 5، 6، و7 من قانون مكافحة الاتجار بالبشر نصوصًا مرتبطة
بحقوق الضحايا، وواجبات الدولة في اتخاذ تدابير حماية تجاههم.
تُحمّل المادّة الخامسة من القانون الدولة مسؤولية حماية الضحية وكفالة الحماية
والسلامة الجسدية لها، وتوفير الظروف الملائمة لتقديم الرعاية الطبيّة والنفسيّة
والتعليميّة والاجتماعيّة لها، إضافة إلى العمل على تأهيل الضحايا، وإعادة إدماجهم
في المجتمع في إطار من الحريّة والكرامة الإنسانية، وهذا النصّ شديد الأهمية، حيث
إنه يضع على الدولة مسؤولية واضحة في توفير الظروف الملائمة لحماية الضحيّة، في
الوقت نفسه الذي يُركّز فيه على أهميّة احترام الحرّية والكرامة الإنسانيّة، ويجب
على اللائحة التنفيذية لقانون مكافحة الاتجار بالبشر أن تُوضّح بالتفصيل كيفيّة
تنفيذ الدولة لهذا الواجب.
كما كفلت المادّة الخامسة للمجني عليهم الحق في العودة الآمنة إلى أوطانهم أو أماكن
إقامتهم حيث كُلفت الجهات المختصّة بالدولة بإعادة الضحايا إلى أوطانهم على نحو
آمن، في حال كونهم أجانب، أو كانوا لا يملكون إقامة دائمة في البلد..وترى اللجنة
أنه عند تطبيق هذه المادّة يجب التعامل من منظور حقوق الإنسان، أي أن يتمّ عمل بحث
تفصيلي لكل فرد على حدة، لقياس حجم المخاطر التي يُمكن أن يتعرّض لها في وطنه، وذلك
لتجنّب أن تُؤدّي التدابير المتخذة من قبل السلطات إلى مزيد من الأذى لضحايا
الاتجار في البشر. مع ذلك، ومن منطلق إنساني، فإننا نُوصي بمنح الضحايا في قطر
تصاريح عمل، بغضّ النظر عن استعدادهم للشهادة من عدمه.
وتسرد المادّة السادسة من القانون الحقوق المكفولة لضحايا الاتجار بالبشر، وهذه
الحقوق تتضمّن الحق في الحصول على الحماية الأمنيّة اللازمة، والحقّ في البقاء
بالدولة لحين الانتهاء من إجراءات التحقيق والمحاكمة وهو أمر في غاية الأهمية
والضرورة خاصة في ظل كون دولة قطر دولة مستقبلة للعمالة، والحقّ في التعويض الجابر
للأضرار التي لحقت بهم، والحقّ في صون الحرمات الشخصيّة وهويّة الضحيّة، والحقّ في
الاستماع إلى الضحية، وأخذ آرائها ومصالحها بعين الاعتبار في الأول من كل مراحل
التحقيق الجنائي. والحقّ أيضًا في المساعدة القانونيّة.
توفير أماكن إيواء للضحايا :
تنصّ المادّة السابعة على أنه على الدولة أن تُوفّر أماكن مناسبة لاستضافة ضحايا
الاتجار، ونرى أن اللائحة التنفيذية لا بدّ أن تُشير إلى ان تكون منفصلة عن تلك
المخصّصة للجناة كما على اللائحة أن تُحدّد إذا ما كان الاحتجاز في تلك الأماكن
الآمنة سوف يحدث في جميع حالات الاتجار بالبشر أم لا، كما عليها أن تُحدّد شروط
الاحتجاز والبقاء بها.
ومن الشائع في كل أنحاء العالم، أن يحتجز ضحايا الاتجار في أماكن إيواء عامّة أو
خاصّة.
وكثيرًا ما يتم التبرير احتجاز الضحايا بالحاجة إلى إيوائهم ودعمهم، لحمايتهم من
مزيد من الأذى، ومع ذلك، فإن اعتقال ضحايا الاتجار ينتهك أحيانًا بعض مبادئ القانون
الدولي، مثل الحقّ في حرية الحركة ومنع الاعتقال التعسفي، طبقًا للتوصيات الخاصّة
بمكتب المفوّض السامي لحقوق الإنسان، الواردة بشأن المبادئ والإرشادات الخاصّة
بحقوق الإنسان والاتجار في البشر، فإنه من غير الملائم احتجاز الضحايا لارتباط ذلك
في أغلب الأحوال مباشرة بتجريمهم، وتُؤكّد الإرشادات بوضوح أنه على الدول أن تعمل
على حماية الحقّ في حرّية الحركة لكل الأفراد، وأن تضمن ألاّ تنتقص تدابير مكافحة
الاتجار من هذا الحق، ومن المتفق عليه في القانون الدولي ألاّ يجوز تقييد حرّية
الحركة، وفقًا بالتدابير القانونيّة والضروريّة المناسبة، كذلك فإن احتجاز الضحايا
في أماكن إيواء يُمكن أن يصل إلى حدّ الاعتقال العشوائي، في حال فُرضت روتينيًّا
على ضحايا الاتجار، بدلاً من دراسة كل حالة على حدة، وفي حال فرضت لفترة غير معيّنة
أو محدّدة، أو في حال لم تخضع للمراجعة الإداريّة أو القضائيّة.
لذلك يجب على اللائحة التنفيذيّة للقانون، أن تحتوي ما يضمن اتخاذ قرار احتجاز
ضحايا الاتجار في كل حالة على حدة، كما يجب أن تُشير إلى حق كل الضحايا المحتجزين
في أن يطعنوا في قانونيّة احتجازهم من خلال عملية مراجعة إدارية أمام المحكمة في
أقرب وقت.
وأن يُخطَروا بحقوقهم عند وصولهم إلى مكان الإيواء، وذلك بلغة مفهومة لهم. كذلك
أيضًا يجب توفير المساعدة القانونية المجانية للضحايا لتمكينهم من حقوقهم، كذلك يجب
ان تتضمن اللائحة التنفيذية الإشارة إلى توقيع الضحايا بالموافقة على الدخول إلى
أماكن الإيواء، وأن يتم أخذ موافقة الضحية دوريًّا، كذلك يجب إخطار الضحايا دوريًّا
بحقوقهم بما في ذلك الحقّ في تغيير رأيهم، وترك مكان الإيواء في أي وقت وفقًا
للشروط التي تُحدّدها اللائحة التنفيذية.
وقد ألزمت المادّة الثامنة من القانون الجهات المختصّة بضمان سرّية ما تتحصّل عليه
من معلومات وعدم الكشف عنها وذلك لضمان حماية الضحايا والشهود، خلال مراحل التحقيق
والمحاكمة القضائيّة وعدم الكشف عنها وذلك لضمان حماية الضحايا والشهود خلال مراحل
التحقيق والمحاكمة القضائية وعدم الكشف عن هويّاتهم.
لذلك تُوصي اللجنة بضرورة أن تنصّ لائحة القانون التنفيذيّة على واجب ضابط الشرطة
أو وكيل النيابة نحو إخطار ضحايا الاتجار بحقوقهم القانونية، وذلك في أول اتصال يتم
بينهم وبين ضحايا الاتجار، ويجب أن يتم ذلك باللغة التي تفهمها الضحيّة، وينطبق
الوضع نفسه على أي معلومات تُعطى للضحيّة، خلال كل مراحل التحقيق والمحاكمة.
وذلك طبقًا للمادة ( ٦ - ٣) مكرّر من بروتوكول باليرمو، كذلك يجب إبلاغ الضحية بأن
لها الحقّ في المطالبة بالتعويض المدني، مقابل الضرر الذي تعرّضت له، وذلك اتساقًا
مع المادّة (٦-٦) من البروتوكول ذاته.
العقوبات
تناول القانون تجريم أفعال الاتجار بالبشر، كما نصّ على بعض الحالات المشدّدة
للعقوبة، كما جرّم الشروع ارتكاب تلك الجرائم، كما تناول النصّ على تجريم الأفعال
المرتبطة بالاتجار بالبشر كحمل الأشخاص على الإدلاء بشهادة زور أو كتمان أمر من
الأمور أو الإدلاء بمعلومات غير صحيحة، أو الامتناع عن الإخطار عن جرائم الاتجار
بالبشر أو الشروع فيها أو أي من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون مع العلم بها
دون عذر مقبول، وترى اللجنة أنه فيما يتعلق بالعقوبات المقرّرة للجرائم المنصوص
عليها في هذا القانون، فإنه يتضح للجنة أن المشرّع وهو بصدد وضع وتحديد هذه
العقوبات قد أعمل مبادئ الضرورة والتناسب بين الجرم والعقاب بشكل كبير حيث إنه لم
يتهاون في فرض العقوبات الرادعة، كما أنه لم يتجاوزها نحو التشديد غير المبرّر لتلك
العقوبات، كما أنه راعى فظاعة جرائم الاتجار بالبشر والجرائم المرتبطة بها، ولذا
تُثمّن اللجنة كل الجهود المبذولة في تحديد العقوبات المقرّرة للجرائم المنصوص
عليها في القانون.
توصيات بشأن وضع القانون موضع التنفيذ :
ترى اللجنة أن تطبيق هذا القانون يُمثّل أولى الخطوات نحو مكافحة جرائم الاتجار
بالبشر.
وحماية جميع ضحاياه، ولكن كي يكون ذلك فعّالاً، فإن القانون يحتاج إلى أن تُصاحبه
سياسة شاملة على المستوى الوطني، وفي هذا الإطار تُوصي اللجنة بوضع خطة وطنية شاملة
ومتكامل لمكافحة الاتجار بالأشخاص ويجب أن تُحدّد أهدافًا استراتيجية واضحة إضافة
إلى مسؤوليات كل الأطراف المعنية، وأن تضع معايير قابلة للقياس إضافة إلى أدوات
للمتابعة والتقويم. وفيما يتعلق بتنفيذ القانون، تُشير الخبرة الدولية والخبرات
المقارنة إلى أن أحد أهم العقبات في التعامل مع حالات الاتجار هو عدم ثقة الضحايا
في النظام القضائي للبلد، والخوف م سلطات تنفيذ القانون (الانتقام والترحيل على وجه
الخصوص) والشعور بالعار، وعدم الوعي بالحقوق، وعدم تدريب الموظفين العموميين،
وانعدام الموارد اللازمة والمترجمين الضروريين في مثل هذا العمل.
وفي هذا السياق يُمكن تكوين قوّة عمل داخل الشرطة الوطنية، للتعامل مع قضايا
الاتجار في البشر، كذلك فإن تنظيم حملات رفع الوعي للرأي العام، تستهدف التوعية
بالمخاطر المرتبطة بجريمة الإتجار في الأشخاص. تفتح مجالاً آخر قد يستحقّ مزيدًا من
الاهتمام به.
كما يجب أن تعمل الدولة على توفر التدريب اللازم للقائمين على إنفاذ القوانين
للتعامل مع ضحايا الاتجار بالبشر.
أخيرًا يجب على الدولة أن تضمن المشاركة الكاملة للمجتمع المدني، كشريك فعّال في
مكافحة الاتجار بالبشر، وفي هذا الصدد يجب أن تسعى الدولة إلى تعزيز قدرات منظمات
المجتمع المدني العاملة في مناهضة الاتجار في الأشخاص واستخدام ما لديها من معرفة
وخبرة للتعاون معها في تعاون مثمر. يستهدف تقديم أفضل حماية لضحايا الاتجار.
قانون
رقم (15) لسنة 2011 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر
مرسوم
بقانون رقم (17) لسنة 2010 بتنظيم اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان
مكافحة
الاتجار بالبشر
المؤتمر
الأول لمكافحة الاتجار بالبشر