قطر- جريدة
العرب-الإثنين 15 أكتوبر 2012م – الموافق 29
ذو القعدة 1433هـ - العدد: 8891
رسالة محام 3
إن المشرع حينما فرض
على المحامي بعض الواجبات أعطاه في المقابل بعض الحقوق ومنحه حصانة لشخصه ولمكتبه،
ولقد كفل المشرع للمحامي حقوقه بموجب نصوص قانونية حرصاً منه على كرامة المحامي
وعدم ضياع حقوقه قبل موكليه، وسنلقي الضوء في هذا المقال على أول حق من حقوقه وهو
حقه في تقاضي الأتعاب المتفق عليها.
حيث إنه وفقاً للمادة (٣٦) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم (٢٣) لسنة ٢٠٠٦
فإن تقاضي المحامي للأتعاب هو حق قانوني يحميه القانون ويبين حدوده، وإن قيام
المحامي بمباشرة عمل من الأعمال التي تدخل في نطاق مهنة المحاماة لحساب موكله يخوله
الحق في تقاضي أتعاب منه، ولكن أمر تحديد الأتعاب وكيفية دفعها متروك لحرية المحامي
والموكل، فقد يكون دفع الأتعاب كاملاً أو جزئياً، ولكن بشرط أن لا يكون استحقاق
الأتعاب معلقاً على شرط كسب الدعوى، أو أن ينسب مقدار الأتعاب إلى قيمة ما هو مطلوب
في الدعوى وما يحكم به فيها، فالمحامي له الحق في الحصول على أتعابه التي يستحقها
والمتفق عليها في عقد الأتعاب، ويستحق المحامي أتعابه ولو انتهت القضية صلحاً أو
تحكيماً أو بأي سبب آخر حسب ما فوض له إن لم يتفق على خلاف ذلك.
ولكن هذه الأتعاب يمكن استرجاع جزء منها أو كلها في عدة حالات، نوجزها بصور لحالات
واقعية، ففي حالة ما إذا مرض المحامي أو حدث له طارئ لا يد له فيه منعه عن المرافعة
فله الحق في جزء من الأتعاب، وليس من العدالة استرجاع كامل الأتعاب، لأنه في هذه
الحالة قد حضّر ملفه للمرافعة، وعلى استعداد لاتخاذ الإجراءات اللازمة لأداء واجبه
كمحام، وبالتالي له الحق في الاحتفاظ بجزء من الأتعاب، وأما إذا لم يحضر المحامي
المرافعة في الدعوى الموكل في الدفاع عنها، بسبب إهمال منه، فإنه في هذه الحالة
ملزم بإعادة كامل الأتعاب التي استوفاها من الموكل، هذا بالإضافة إلى الأضرار التي
يتعرض لها الموكل نتيجة إهمال المحامي، وقد حكمت محكمة بوردو الفرنسية على أحد
المحامين بإعادة كامل الأتعاب لموكله مع تعويض الأضرار الناشئة عن المصاريف
المدفوعة بدون منفعة بسبب إهماله، وذلك لأنه لم يحضر الجلسة المقررة لنظر الدعوى،
وحكم على موكله غيابياً بسبب عدم حضوره.
وقد يكون قد قام بأداء العمل المطلوب منه، ولكن الموكل يعتبر أن الأتعاب التي
تسلمها منه المحامي مبالغ فيها بالمقارنة مع العمل الفعلي الذي أنجزه، ففي هذه
الحالة لا يجوز استرجاع كل أو جزء من الأتعاب، وذلك لأن الموكل قد دفع هذه الأتعاب
بإرادته وعلمه فلا يجوز استرجاعها، وفي جميع الأحوال يمكن استرجاع كل أو جزء من
الأتعاب إذا كان المحامي قد استوفاها بطريق الغش والخداع، وقد قضت محكمة السين
الفرنسية بأنه يترتب على المحامي إرجاع كافة الأتعاب التي تقاضاها من موكله في حالة
تهديده بإفشال قضيته، ومن المعلوم أن هناك ما يسمى بالمساعدة القضائية التي تقدم
للموكل المعسر الذي لا يستطيع دفع أتعاب المحامي، فنصت المادة (٦١) من قانون
المحاماة الصادر بالقانون رقم (٢٣) لسنة ٢٠٠٦ على «تشكل بقرار من رئيس المحكمة
الابتدائية لجنة تسمى (لجنة المساعدة القضائية)، برئاسة أحد الرؤساء بالمحكمة
وعضوية اثنين من قضاتها، تتولى ندب أحد المحامين للقيام بأي عمل من أعمال المحاماة،
وذلك في الحالات الآتية:
إذا كان أحد المتقاضين معسراً أو عاجزاً عن دفع أتعاب المحاماة، وكانت الدعوى راجحة
الكسب. ...».
وقد قرر القضاء الفرنسي إلزام المحامي استرجاع كافة الأتعاب التي استوفاها من
الموكل الخاضع للمساعدة القضائية، وذلك لأنه لا يجوز للمحامي أن يتقاضى أية أتعاب
من الموكل طالما أن الأخير معفى من دفع أتعاب المحاماة، بناءً على قرار لجنة
المساعدة القضائية، وقد يسقط حق المحامي في مطالبة موكله بأتعابه، فقد نصت المادة
(٤٣) من قانون المحاماة سالف الذكر على أن (يسقط حق المحامي في مطالبة موكله أو
ورثته بالأتعاب، عند عدم وجود اتفاق كتابي بشأنها، بمضي خمس سنوات ميلادية من تاريخ
انتهاء الوكالة أو من تاريخ وفاة الموكل، بحسب الأحوال. وتنقطع هذه المدة بالمطالبة
بالأتعاب بكتاب مسجل مصحوب بعلم الوصول).
وللحديث عن الحقوق الأخرى للمحامي بقية في المقالات القادمة بإذن الله.
قانون رقم (23) لسنة 2006 بإصدار قانون المحاماة