جريدة الراية - السبت 17 أغسطس 2013
طالبوا المؤسسات والجهات الحكومية بالاستفادة من خبرات المتقاعدين..
خبراء:التقاعد..ليس بداية النهاية للموظفين
د.موزة المالكي: أغلب حالات التقاعد تعسفية
ومفاجئة
اليزيدي: يجب مساعدة المتقاعدين على التخطيط لمستقبلهم
الفرجابي: على المؤسسات
الخيرية بالدولة الاستفادة من خبرات المتقاعدين
الدوحة ـ الراية :
يعتبر التقاعد فترة حرجة تسبب الألم النفسي لكثير من الموظفين، كما قد تكون هذه الفترة
عاملا سلبيا في حياة المتقاعد المستقبلية وأحيانا قد ينظر لها على أنها انتكاسة متوقعة
سيقع فيها الكثير من الموظفين.
والغريب في الأمر أنه وبعد الاطلاع على نماذج عديدة من الواقع الذي نعيشه بدا يقينا
أن إيجابيات هذه الفترة تطغى كثيرا على سلبياتها ومميزاتها تتخطى عيوبها لكن هذا الأمر
مرهون بأدوات وأسلحة لا غنى عنها لضمان نجاح عبور المتقاعد لهذه الفترة وتتلخص هذه
الأمور ببساطة في التخطيط لحياة أفضل بعد التقاعد.
وقد قامت مجلة التقاعد والمعاشات باستشارة عدد من خبراء التدريب والتطوير ومستشاري
المواقع الاجتماعية للحديث عن الاستعداد لهذه الفترة وكيف يمكن أن تكون إيجابية في
حياة المتقاعدين وكيف نلغي كلمة ملل أو فراغ من قاموس هذه الفئة العزيزة على قلوبنا
والتي لا ننكر دورها فيما وصلت إليه دولة قطر الحبيبة، فهم أصحاب الفضل في تحقيق هذه
النهضة التي تعيشها الدولة من سنوات والذين لديهم من الخبرة ما يكفي لسد حاجة الجيل
القادم وما بعده من الخبرات المهنية والحياتية التي يحتاجونها لتعزيز قدراتهم نحو بناء
المستقبل.
في البداية قالت الدكتورة موزة المالكي خبيرة علم النفس إن موضوع التقاعد بشكل عام
يحتاج إلى إعادة نظر من جانب الحكومة حيث إن أغلب حالات التقاعد التي تحدث للموظفين
تكون تعسفية ومفاجئة لدرجة أن نسبة كبيرة من الموظفين الذين يحالون إلى التقاعد قد
يبلغون بخبر إحالتهم للتقاعد قبلها بأيام ما يشكل صدمة كبيرة لهم يكون لها الأثر الأكبر
في انخفاض مستوى حالاتهم النفسية خلال باقي مراحل الحياة.
أما الجانب الآخر وهو الحالات التي تحال للمعاش بسبب بلوغ السن القانوني فأكدت أن التخطيط
يمثل لهم أهمية كبيرة حيث إنه يقضي على العامل الأسوأ في هذه الفترة وهو الفراغ والذي
أوقع الكثير من المتقاعدين في براثنه مشيرة إلى أن الشخص المتقاعد عليه أن يرسخ في
ذهنه أولا بأن التقاعد من العمل الحكومي لا يعني أنه لن يكون قادرا على العطاء مرة
أخرى بل إن عليه أن يستخدم ما عنده من خبرة في عدة مجالات متاحة إما من خلال إنشاء
مشروع خاص في مجال تخصصة أو مشاركة أحد الأصدقاء في مجال عمله أو المشاركة في تقديم
المحاضرات أو الندوات في مجال عمله ونقل ما لديه من خبرة إذا كان لديه تميز في الجانب
الأكاديمي.
ودعت د.موزة المتقاعدين لأن يجعلوا من حياتهم بعد التقاعد فرصة لمكافأة أنفسهم بعد
خدمة طويلة في العمل وتربية الأبناء، ومن أمثلة ما يكافئ به المتقاعد نفسه أن يرتب
لسفر سياحي كل فترة أو أن يشارك في الفعاليات الترفيهية المختلفة، أو أن يواظب على
هواية يحبها يتعلم فنونها ويشترك في ناد أو منتدى يجمع هواتها سويا، وذلك من خلال البحث
على الإنترنت أو من خلال المراكز المختلفة للهوايات مثل التصوير أو الرسم أو غيرها
مما يوجد في الحي الثقافي وغيره من الأماكن.
وذكرت أنه من الضروري أن يعتمد المتقاعد على نفسه في المقام الأول وأن يجعل هذه الفترة
فترة تتويج لحياته العملية، وذلك بعدم الاهتمام المتزايد بأحوال أولاده أو أحفاده بل
عليه أن يهتم بنفسه أكثر لأن هذه الفترة هي التي يستطيع أن يعيش فيها مرتاح البال وأن
يدعم الجوانب الذاتية المختلفة في حياة أي إنسان مثل النواحي النفسية والدينية وغيرها.
من جانبه أكد السيد حسن اليزيدي، المدرب المعتمد وخبير المشاريع الصغيرة ودراسات الجدوى
والاستثمار، أن فترة التقاعد يمكن أن تكون فترة إيجابية أو قد تكون سلبية في حياة الإنسان
وذلك على حسب البرامج والآليات التي يضعها الموظف استعدادا لهذه المرحلة، بما يعوضه
عما يفقده من مزايا وامتيازات لتركه وظيفته.
وذكر ان التقاعد يمكن ان يعتبره الشخص مرحلة التوقف عن العمل لحساب الآخرين وبداية
مرحلة جديدة مثمرة من حياته، يتفرغ فيها لاستثماره، القرار قراره والاختيار اختياره
وهي بمثابة جسر يكمل به الإنسان نجاحه في الحياة العملية.
وأضاف: أتمنى أن نستبدل مصطلح التقاعد حيث إن مصطلح التقاعد سلبي في حد ذاته مع ما
يصاحبه من كلمات أخرى أشد وقعا مثل الإحالة والعجز، ولهذا فإن علينا استبدالها بكلمات
تدعو أكثر للتفاؤل.
وحول أبرز الجوانب السلبية في فترة التقاعد قال اليزيدي إنها تتضمن الكثير من الأشياء،
من أهمها الخلل في توازن الأدوار في حياة الإنسان لفترة طويلة، والخوف من فقدان الهوية،
والشعور بفقدان الأمان النفسي والمالي والإحساس بالخطر، وعدم التأقلم والتوافق ومقاومة
التغيير، هذا إضافة إلى نظرة المجتمع السلبية نحو المتقاعدين وقلة الدعم وغياب الوعي.
وتحدث اليزيدي عن أهمية التخطيط لهذه المرحلة وجوانب ومجالات هذا التخطيط قائلا، التخطيط
هو الخريطة التي ترشدك إلى المكان الذي أنت فيه الآن، وإلى المكان الذي تريد أن تصل
إليه وكيف تصل ويتضمن التخطيط الأولويات والادخار للمستقبل ثم تحديد الوسائل التي يتم
بها تحقيق هذه الأهداف ويجب أن يحدد التخطيط ما يجب عمله وكيف يتم؟ ومتى يتم؟ ومن الذي
يقوم به؟ ومحاولة إيجاد حلول لأية عقبة تواجه هذا التخطيط ما يساعد في التنفيذ الفعلي
بشكل أكبر فالتخطيط في أي موضوع يعني النجاح.
وشدد على أن هناك مسؤولية مشتركة بين الفرد والدولة وجهة العمل تجاه المتقاعد بدءا
من قيام المتقاعد وأسرته وجهة عمله باستراتيجيات عديدة للتخفيف من وطأة التقاعد، وأوضح
أنه لاستهلاك هذه المرحلة بأوضاع مناسبة ومريحة نفسيا ومادياً يجب إعطاء المتقاعد الحق
في اختيار نوع الاستثمار الذي يرغبه في أمواله التقاعدية، وأفضل للمتقاعد هو الادخار
على مدى حياته العملية النشيطة بدلا من التعرض لنكبات مالية بسبب خطط التقاعد.
وأكد أنه يمكن أن تقوم الجهات المختصة مثل الهيئة العامة للتقاعد والمعاشات بدور مهم
في التخطيط والإرشاد للمتقاعدين فمنذ بداية نظام التقاعد وهو لم يتغير تقريبا، يجب
على هذه الجهات أن تقدم خدمات استراتيجية للفئات التي تعمل من أجلها، ولا يوجد هناك
أفضل من مساعدتهم على التخطيط لمستقبلهم.
من ناحيته قال الدكتور أحمد الفرجابي المستشار بموقع الشبكة الإسلامية «إسلام ويب»
والداعية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أن التقاعد من المراحل التي لا تقل أهمية
عن باقي مراحل عمر الإنسان وعدم التخطيط لهذه المرحلة يترتب عليه إشكالات كثيرة للمتقاعد
تتنوع ما بين نفسية واجتماعية وقد تكون مرضية أحيانا، ومن أسباب هذه الإشكالات أن المتقاعد
تحدث له صدمة حين يفاجأ أنه أصبح بلا عمل ويشعر بأن من حوله أصبحوا في غنى عنه وهذا
شعور خطأ وانتكاسة وهمية لأن الإنسان يمر بمراحل متعددة، ومن الطبيعي أن يختلف دوره
من مرحلة لأخرى.
وذكر أن التخطيط ضروري في هذه المرحلة حتى يتلافى المتقاعد سلبيات هذه الفترة، وليستطيع
توظيف خبراته التي اكتسبها طوال حياته في المكان المناسب، فهذا العمر الطويل الذي قضاه
في العمل يحتم عليه أن ينقل خبراته لمن هم في حاجة إليها، هذا بجانب أن تكون هناك أنشطة
وهوايات يواظب على ممارستها قبل التقاعد وبعده، مبينا أن هذه المرحلة لن تكون سلبية
إلا لمن لم يخطط لها.
وقدم نصيحة للمتقاعدين أن يستغلوا وقتهم في ممارسة الهوايات والمشاركة في الأعمال التطوعية
والاجتماعية وزيارة منظمات المجتمع المدني، ومحاولة إيجاد مكان لهم وسط المتطوعين في
أنشطتها المختلفة، إضافة إلى ذلك فإن أغلب المتقاعدين يجد نفسه في ممارسة الرياضة أو
الاهتمام بحديقة المنزل أو تعليم القرآن لأحفاده ومساعدتهم على استذكار دروسهم.
وناشد الفرجابي الجهات الدعوية والمؤسسات الخيرية والشبابية في الدولة أن تستفيد من
هذه الخبرات مدللا بأمثلة كثيرة لمؤسسات اجتماعية ودعوية يقودها شخصيات سياسية وحكومية
على مستوى رفيع بعد تقاعدهم، ومن الناحية الأخرى ناشد الدولة بأن تعيد النظر في قوانين
التقاعد مثل البند المركزي والذي يهدر طاقات كبيرة وخبرات حيوية بدون سبب مقنع.
ووجه رسالة للجهة المختصة بالتقاعد بالهيئة العامة للتقاعد والمعاشات بأن تتبنى فكرة
لبرنامج يهدف لتواصل الأجيال تحت مسمى «بيت الخبرة» والذي يمكن أن يضم منتديات دورية
بين المتقاعدين والشباب يتباحثون فيها ويتناقشون حول محاور الحياة المختلفة ويتم من
خلالها استعراض تجارب المتقاعدين في حياتهم العامة وسيجد الطرفان فيها استفادة كبيرة،
فالمتقاعدون سيستفيدون من فكر الشباب العصري ورؤيتهم المختلفة للحياة، وعلى الجانب
الآخر سيستفيد الشباب من خبرات المتقاعدين مهنيا واجتماعيا وسيخرجون من هذه الندوات
بدروس عملية في الحياة.
أما أ.د. طارق الحبيب - بروفسور واستشاري الطب النفسي- الأمين العام المساعد لاتحاد
الأطباء النفسيين العرب فقال:
تعتبر المراحل الانتقالية في الحياة طبيعية في مختلف مستوياتها وأشكالها، ما لم يسئ
الشخص التعامل مع معطيات تلك المرحلة، وتختلف نظرة أفراد تلك المرحلة من أشخاص لآخرين،
ينظر البعض لمرحلة التقاعد على أنها حق مستحق ومكافأة تعبيرية وتقديرية لكل ما تم إنجازه
خلال فترة الحياة المهنية.
في حين يعتبرها البعض الآخر مرحلة نهاية الإنجاز وتدهور القدرات الذهنية والفكرية والصحية،
بل وحتى التراجع في مستوى الصحة النفسية.
بينما يتوازن البعض في نظرته عندما يدرك أنها مرحلة انتقالية تستوجب عددا من المتغيرات
التي تتوافق مع التغيرات الشمولية المصاحبة لكيان الفرد ودوره المستمر والفعال في الحياة،
كما يقوم الأمان الأسري بدور هام في مواجهة مرحلة التقاعد فالأفراد الذين ينتمون لأسر
متماسكة يستطيعون تحقيق درجات عالية من الرضا والسعادة من خلال المساندة الاجتماعية.
وقد أشارت دراسات إلى أن هناك محاور مهمة للتهيئة والاستعداد لتقبل مرحلة التقاعد ومنها
الأسرة التي تعتبر الوعاء الحاني الذي يأمن معه الفرد ويتشجع به فهي المزود الرئيسي
للثقة والأمان.
ومن المحاور المهمة للاستعداد والتهيئة أيضا القوانين المجتمعية فالأشخاص الذين وصلوا
لمرحلة التقاعد هم طاقات وكفاءات لا يستهان بها فهم الخبرات والتجارب المدربة لمن بعدهم
وليسوا مجرد طاقات فردية بل هم خبرات عملية تتحدث من واقع ممارس لجوانب متنوعة ومختلفة،
ومن هنا يكون دور المجتمع هو تجنيدهم للتوجيه والتدريب والاستشارات لتعظيم دورهم القادم
ومساندتهم للتكيف مع متطلبات المرحلة الجديدة.
وتلعب بيئة العمل السابقة دوراً هاما في التهيئة لمرحلة التقاعد ودورها يتلخص فيما
أشارت إليه الدراسة الذي ضمت مختصين من جامعة ميريلاند الأمريكية والذين اعتبروا مرحلة
ما بعد الحياة المهنية تشكل ما يمكن تسميته بالجسر الوظيفي حيث يعمل الفرد في هذه المرحلة
في وظيفة بدوام جزئي أو وظيفة مؤقتة أو لحسابه الخاص حتى يتدرج في الأداء بما يتناسب
مع وضعه الجديد دون أن يفقد مكانته المهنية.
وقد أكدت الدراسات أن الأشخاص الذين عملوا بعد تقاعدهم ضمن مجال مهنهم السابقة أظهروا
تحسنا في الحالة النفسية بمعنى أنهم كانوا محافظين على روحهم الإيجابية من خلال استمرارية
مهنيتهم المتقنة.
أن الشعور بالملل والعجز عن إدارة وقت الفراغ هو أكثر مسبب للشعور بالوحدة النفسية
التي لطالما اشتكى منها المتقاعدون وبذلك ينظرون لأنفسهم أنهم عاجزون بل ربما ينظرون
أحيانا لأنفسهم على أنهم عالة على من حولهم ولعل من أكثر الأمور المحبطة لهم كفئة هامة
ومؤثرة- هو تهميش ماضيهم الثري، والتعامل معهم من منطلق الشفقة أو عدم الحاجة.
إن المجتمعات الراقية هي التي تنظر لمرحلة التقاعد على أنها واقع لابد من معايشته بتخطيط
وإدارة تحترم قدرات الفرد وترتقي بحاجات المجتمع.
القانون وفقاً لآخر تعديل - قانون رقم (24) لسنة 2002 بشأن التقاعد والمعاشات
قرار أميري رقم (48) لسنة 2009 بتنظيم الهيئة العامة للتقاعد والتأمينات
الاجتماعية
القرار وفقًا لأخر تعديل قرار أميري رقم (45) لسنة 2006 بزيادة الرواتب التقاعدية
والمعاشات
«التقاعد» تدشن موقعها الإلكتروني