الراية - السبت20/9/2008
م
مدير جامعة قطر السابق
يفتح النار علي النظام التعليمي
حذر من التجارب المستوردة ودعا لإعادة النظر في تطبيقه
التطبيق الخاطئ لنظام المدارس المستقلة حولها إلي مؤسسات ربحية
وصول النظام التعليمي للمستويات العالمية مجرد ادعاءات لهيئة التعليم
عدم وجود منهج تعليمي متكامل سمح بظهور المدارس كجزر منعزلة
- هناء صالح الترك:
اثار الدكتور عبد اللَّه جمعة الكبيسي - مدير الجامعة السابق وأستاذ أصول
التربية بالجامعة - 7 قضايا ساخنة حول النظام التعليمي التعليم لمرحلة جديدة في دراسة
حديثة اختار الراية لنشرها علي صفحاتها.
يؤكد د. الكبيسي من خلال دراسته - المنتظر ان تثير الجدل حول مستقبل النظام التعليمي
في قطر - ضرورة إعادة النظر في التجربة التربوية المطبقة الآن، والتي ما زالت في مرحلة
التقييم.
وأشار الكبيسي إلي ان استعارة تجربة تربوية من الخارج تعد مخاطرة كبيرة، نظراً لما
تشكله من سلبيات علي شخصية أطفالنا، خاصة انها تشكل شخصية وتفكير الطفل ونظرته للحياة،
لافتاً إلي ان النظام التربوي يحمل الدولة والمجتمع مسؤولية تاريخية أمام الأجيال القادمة.
وتناولت الدراسة فلسفة ومنهج ولغة التعليم والنظام المالي والإداري ومدي عدالة النظام
التربوي المطبق.
وتأتي في مقدمة القضايا السبع حول النظام التعليمي قضية فلسفة هذا النظام.
يقول د. الكبيسي: من المتعارف عليه عالميا ان لكل نظام تعليمي فلسفة واضحة المعالم،
تشتمل علي منظومة من المباديء والأهداف والخطط والبرامج، تشكل الاطار المرجعي الذي
يسير علي هديه العاملون في الحقل التربوي بحيث تشكل العامل المشترك فيما بينهم وعندما
فحصنا إصدارات المجلس الأعلي وبخاصة ما تم إصداره من كتيبات من قبل هيئة التعليم لم
نعثر علي فلسفة لهذا النظام بالمعني السابق، وكل الذي حصلنا عليه هو عناصر أربعة مجملة
لما يسمي بالاستراتيجية تشتمل علي (الاستقلالية، المسؤولية، التنوع، الاختيار) إن عناصر
هذه الاستراتيجية تحتاج إلي تحديد وتفصيل دقيق يحكم الممارسة العملية للعاملين في الحقل
التربوي، لأن الجانب النظري مهم لكونه مرجع للعمل الميداني، وكلما كان الجانب النظري
لمضمون الاستراتيجية واضحا كان التطبيق علي أرض الواقع أقرب إلي تحقيق أهداف التعليم
وغاياته التي تستهدفها استراتيجية التعليم.
في ظل هذا الغموض فإن الممارسة التعليمية علي أرض الواقع لا شك انها ستخلق توجهات وقيماً
بعيدة كل البعد عن المرامي والآمال التي يقصدها المجلس الأعلي للتعليم وهيئاته التنفيذية،
والسؤال الذي يتردد علي معظم ألسنة الناس، لماذا حجبت هذه الفلسفة؟ وهل هي موجودة كسر
من الاسرار لدي مؤسسة (رند) التي كلفت بإعداد هذا المشروع لأنه من غير المعقول ان يتم
التحول من نظام تربوي قائم مضي علي استمراره أكثر من خمسة عقود إلي نظام تربوي جديد
دون ان يسبقه إعداد فلسفة شاملة لكل مكوناته المختلفة معتمدة من مجلس الوزراء ومتاحة
للمختصين وغيرهم من الناس أخذا بمبدأ الشفافية.
ستظل تلك الاسئلة وغيرها تثير القلق لدي أفراد المجتمع لارتباطها بمستقبل ابنائهم
من ناحية ومستقبل الوطن من ناحية أخري لأن النظم التربوية وتوجهاتها ومخرجاتها دائماً
تتعلق بالأمن القومي للدول.
المنهج العام للتعليم
اما القضية الثانية فتتعلق بالمنهج العام للتعليم حيث يقول د. الكبيسي ما جري من غياب
لفلسفة النظام التربوي قد انسحب أيضاً علي مكون مهم من مكونات النظم التربوية ألا وهو
المنهج العام لهذا النظام الجديد، فالمدارس بدأت واستمرت بالزيادة العددية دونما إعداد
منهج تعليمي متكامل.
وهذا يعد نقصاً غير مبرر، والنتيجة لذلك ساعدت علي افساح المجال للمدرسين في
المدارس بالقيام طبقا لخبراتهم السابقة بإضافة موضوعات من مصادر مختلفة لأغراض الدراسة
ومتطلباتها الضرورية دونما سياق فكري متكامل يربط فيما بينها مما سيؤدي بالضرورة إلي
ظهور مدارس أشبه بالجزر المنعزلة التي لا يربط فيما بينها خط فكري واضح، قد يقال ان
هناك معاير لأربع مواد رئيسية هي اللغة العربية والعلوم والرياضيات واللغة الانجليزية،
هذا الأمر جيد ومقبول لو كان هناك منهج تعليمي واضح لهذه المواد يوجد فيما بين المدارس،
ولكن الأمر كما سبق وان ذكرنا قد ترك لاجتهادات المدرسين الذين هم في الواقع غير مختصين
في بناء وتصميم المناهج الدراسية، والشكوي من ذلك كثيرة لأن المدرسين قد حملوا أعباء
ليست من اختصاصهم.
هذا الواقع سيؤدي مع مرور الزمن إلي ظاهرة تفشي التعليم الهش مما يتناقض مع كل الادعاءات
والدعايات التي تروج لها هيئة التعليم من ان هذا النظام التعليمي يرقي للمستويات العالمية.
محتوي التعليم
وتركزت القضية الثالثة علي محتوي التعليم حيث يقول د. الكبيسي: إذا حللنا التوازن النسبي
لهذه المقررات الدراسية نجد انها تركز علي أربعة مواد أساسية كما ذكرنا سابقا، هذا
التوجه عليه محاذير جوهرية لأنه يأخذ بمبدأ التركيز علي الجوانب العقلية علي حساب الجوانب
الوجدانية والثقافية والبدنية، وهو مبدأ مخالف لما يؤكده المختصون في بناء المناهج
الذين يهتمون دائماً بضرورة التوازن في توزيع المواد الدراسية بحيث تؤدي في تكاملها
إلي بناء شخصية التلاميذ والطلبة بناء متوازنا عقليا ووجدانيا وجسميا.
ويضيف: وهناك أمر آخر اثار قلق أفراد المجتمع وبخاصة في بداية المشروع وما زالت اثاره
باقية، وذلك عندما ترك أمر تقدير مقررات الثقافة الإسلامية وباقي مقررات المواد الأخري
مثل التاريخ والجغرافيا والتربية الوطنية إلي أصحاب التراخيص ومديرو ومديرات المدارس،
هذا الخلل غير المبرر من الناحية التربوية أدي إلي ظهور ظاهرتين في المجتمع الأولي
تمثلت فيما نشهده من توسع في عدد المدارس والمعاهد الدينية التي تشرف عليها وزارات
الأوقاف والشؤون الإسلامية لتلافي مثل هذا النقص، وهو أمر طبيعي، لأن الثقافة الإسلامية
مكون أساسي لثقافة المجتمع ولابد من جهة تصونه وتحرص عليه.
والظاهرة الثانية تتعلق بلجوء كثير من الأسر للاستعانة بالدروس الخصوصية لأبنائهم في
مادة الثقافة الإسلامية واللغة العربية وبخاصة للتلاميذ الذين هم في الفصول الأولي
في المرحلة الابتدائية.
لغة التعليم وأثاره
اما القضية الرابعة فتتركز علي لغة التعليم وأثارها حيث يقول د. الكبيسي: لاحظنا ان
(المدارس المستقلة) قد وجهت من قبل هيئة التعليم بشكل مبالغ فيه باعتماد اللغة الانجليزية
لتدريس مواد العلوم والرياضيات والحاسب الآلي.
هذا التوجه اثار علامات استفهام كثيرة منها ان النظام التعليمي الجديد قد تخلي عن التدريس
باللغة الرسمية التي نص عليها الدستور، والأمر التالي الذي ترتب عليه ان اللغة العربية
التي تمثل الوعاء الفكري للمواطنين قد أصبحت لغة ثانية للتعلم، مما سيضعف الاعتزاز
بها لدي الناشئة وبالتالي يضعف إحساس الانتماء لديهم لثقافة وتقاليد وطنهم ولتاريخ
وأمجاد وثقافة أمتهم العربية وقضاياها القومية والإسلامية، والأمر لم يقتصر علي ذلك
بل تعداه لمسألة خطيرة لابد من اثارتها ألا وهي مطالبة المدارس من قبل هيئة التعليم
بتعيين اربعة مدرسين في كل مدرسة من المدارس من المتحدثين باللغة الانجليزية كلغة أصلية
لتدريس اللغة الانجليزية والعلوم والرياضيات والحاسب الآلي، إذا نحن سنشهد ازاحة عدد
كبير من المدرسين والمدرسات من القطريين ومن غيرهم من العرب لإحلال أجانب بدلاً منهم
من البريطانيين والأمريكيين وغيرهم من الجنسيات التي تتحدث شعوبها باللغة الإنجليزية
كلغة أصلية، هذا الاجراء ستترتب عليه عواقب خطيرة أخري تتمثل في ظهور هيمنة ثقافية
وصراع ثقافي في مدارسنا يشطر وجدان التلاميذ والطلبة، لأن تدريس المواد بما فيها المواد
العلمية مشحون بالعناصر الثقافية والسلوكية، والتربويون يدركون مدي تأثير المدرسين
في تشكيل سلوك التلاميذ والطلبة وإعادة صياغة نمط قناعاتهم الفكرية والثقافية التي
تشكل نظرتهم لعادات مجتمعهم ومكوناته الثقافية.
هل فكر أصحاب القرار في النتائج الثقافية الخطيرة التي سيتعرض لها التلاميذ والطلبة؟
وهل فكر أصحاب القرار أيضاً في مصير القطريين والقطريات من المختصين في تدريس تلك المقررات؟
بالإضافة لذلك قد طرحنا سؤالا في هذا المضمار، وهو: ما المبررات الجوهرية للتدريس باللغة
الانجليزية؟ لم نجد إجابة شافية اللهم ما يردده بعض المنفذين لهذا النظام من ان اللغة
الإنجليزية لغة العصر وإتقان التلاميذ والطلبة لها يساعدهم علي التعليم فيما بعد في
الجامعات الاجنبية كما يتيح لهم في المستقبل فرصا أكبر للحصول علي عمل في الشركات والمؤسسات
الأخري، إذا كان هذا التبرير هو السائد، فإننا نتفق مع جزء منه وهو ضرورة تعلم اللغة
الإنجليزية بطريقة سليمة عالية الكفاءة، ولكننا لا نتفق علي الاطلاق مع الاتجاه الحالي
لتدريس العلوم والرياضيات والحاسب الآلي باللغة الانجليزية لعدة أسباب منها:
1- ان اللغة العربية لغة عريقة في تاريخها غنية بمفرداتها ومعانيها ومشتقاتها وبلاغتها
وهي من اللغات الخمس المعتمدة في هيئة الأمم المتحدة ومنظماتها الرئيسية.
2- ان جميع دول العالم تحرص علي ان تكون لغتها القومية هي اللغة السائدة في مجال التعليم
والتعلم في جميع مراحل التعليم العام.
3- ان جميع دول العالم لا تتخلي عن التدريس بلغتها القومية إلا تحت ظروف الاستعمار
القاهرة، فكيف ببلدنا وهو دولة مستقلة ذات سيادة جزء من العالم العربي ولغته الرسمية
هي اللغة العربية كما نص عليها الدستور، يقع في مثل هذا التناقض.
4- ان مدخلات التعليم الجيد معروفة مثل المعلم الكفء ومحتوي المناهج المتطورة وطرق
التعليم الحديثة والإدارة المدرسية الفعالة، والفصول الدراسية التي لا يتعدي التلاميذ
والطلبة فيها 25 تلميذا وطالبا والبيئة المدرسية التي تسود فيها العلاقات الإنسانية
التي تساعد علي نمو روح التفاعل الايجابي بين المجتمع المدرسي داخل المدرسة، مما يعلي
من دافعيه الانجاز عند المعلمين والمتعلمين، هذه المداخل التربوية تجمع عليها أدبيات
التربية ولا يتوقف النجاح فيها علي التدريس بلغة أجنبية تخالف لغة الأمم والشعوب القومية
التي تعمل علي إصلاح أنظمتها التعليمية، لأن الحقائق العلمية تؤكد انه لا يوجد معامل
ارتباط بين التدريس باللغة الانجليزية وبين عملية إصلاح التعليم والتقدم العلمي.
5- تدريس العلوم والرياضيات والحاسب الآلي باللغة الانجليزية سيكون له عواقب سلبية
علي قدرة التلاميذ والطلبة علي استيعاب وفهم الحقائق العلمية لمواد العلوم، والعمليات
الرياضية، وبرامج الحاسب الآلي، لأن فهم تلك الحقائق يمر بمرحلتين الأولي تعتمد علي
تمكن الدارس من فهم اللغة الانجليزية بشكل يمكنه من الادراك السليم للحقائق العلمية،
والثانية قدرة التلميذ والطالب علي فهم وإدراك متطلبات مادة العلوم والرياضيات والحاسب
الآلي، فإذا كان ضعيفا في الأولي فإنه سيكون ضعيفا في الثانية بالضرورة، فإذا أخذنا
في الاعتبار ان اللغة الإنجليزية لغة أجنبية يتعلمها التلاميذ والطلبة في المدارس ولا
يتعاملون بها في حياتهم اليومية فإن المحذور الذي ذكرنا يظل قائماً.
6- ان التعليم باللغة العربية لجميع المواد، فضلا عن كون اللغة العربية من الثوابت
الاساسية للمجتمع فإنها تسهم بشكل فعال في سرعة فهم وإدراك متطلبات المواد الدراسية
لأن اللغة العربية تزداد ثراء بتفاعلها مع تعلم المواد الأخري.
النظام الإداري والمالي
القضية الخامسة هي النظام الإداري والمالي حيث يشير د. الكبيسي إلي ان نظام المدارس
التعاقدية Charter School الذي سمي عندنا (بالمدارس المستقلة) ظهر في الولايات المتحدة
الأمريكية وبالأخص في ولاية منيسوتا سنة 1990 وهو نظام تعليمي تجريبي علي هامش النظام
التعليمي العام، وتلك المدارس تقوم علي مبدأ التعاقد بين المؤسسات والهيئات والأفراد
وبين الجهات الرسمية المشرفة علي التعليم العام في كل ولاية.
وتتحمل المؤسسات والهيئات والأفراد إنشاء المدارس والصرف عليها من أموالها الخاصة وتتحمل
الجهات الرسمية بكلفة التلاميذ والطلبة الذين يلتحقون في هذه المدارس، وتحكم هذه المدارس
مجموعة من القوانين والاجراءات الخاصة لكل ولاية، تهدف لضمان مستوي تعليم التلاميذ
والطلبة وسلامة البيئة المدرسية وحقوق المعلمين.
والطابع العام لهذه المدارس يتميز بخصائص المدارس صغيرة الحجم التي يتراوح عدد
التلاميذ في كل مدرسة منها ما بين 130- 150 تلميذا وطالبا.
وقد واجهت هذه المدارس عدة مشكلات بعضها يتعلق بالتمويل والبعض الآخر يتعلق بانتقادات
حادة من بعض التربويين ومن اتحاد المعلمين.
وتشير بعض الدراسات إلي تراجع هذا النمط من التعليم حيث تم إغلاق ما نسبته ما
بين 11% - 25 من هذه المدارس في ولايات أريزونا ولويزيانا وبعض الولايات الأخري لأسباب
مختلفة.
هذا النموذج من التعليم تم اختياره كنظام تعليمي لأبنائنا كبديل عن النظام القائم ولكن
الاخراج الذي صاحبه قد خرج عن بعض قواعد تلك التجربة التي أشرنا إليها وبخاصة في مجال
التمويل والإدارة والإشراف علي هذه المدارس.
فصاحب الترخيص مثلا في الولايات المتحدة يتحمل أعباء ومسؤوليات المدرسة التي
أنشأها والصرف عليها من ماله الخاص في سبيل تحقيق اهتماماته التربوية والثقافية ونظرته
إلي عملية التطوير والتعليم الفعال كما يراها.
أما عندنا فقد اختلف الأمر إذ وهب المحظوظين من أصحاب التراخيص مدارس حكومية بمبانيها
وأجهزتها ومستلزماتها وميزانياتها وتلاميذها وطلبتها ليتصرفوا في إدارتها والاشراف
عليها، ونتيجة للاغراءات المادية التي وعد بها أصحاب التراخيص من قبل هيئة التعليم
كما ورد في النص التالي: (إن صاحب الترخيص هو المسؤول المباشر عن المدرسة، ومن حقه
تحديد طريقة تقسيم أية ارباح إضافية تحققها المدرسة، فعلي سبيل المثال بمقدور صاحب
الترخيص استخدام الارباح الاضافية في دفع مكافآت لمدير المدرسة أو الهيئة الإدارية
والتدريسية مقابل الأداء الجيد خلال العام الدراسي، كما يمكن استخدام هذه الارباح في
الاستثمار في تقديم برامج إضافية للمدرسة ومن الممكن لصاحب الترخيص ان يقرر الاحتفاظ
بهذه الارباح لنفسه..).
إن هذا الفضاء الواسع من الحرية الذي وضع في أيدي أصحاب التراخيص وذلك الاغراء المادي
الذي صاحبه كان له نتائج خطيرة علي واقع التعليم ومستقبله فالمدرسة تحولت من مدرسة
حكومية هدفها التعليم إلي مدرسة ربحية مما أدي إلي تدافع اعدادا كبيرة معظمهم من غير
المختصين والمؤهلين قياديا وتربويا للحصول علي مدرسة كلما أعلن عن فوج جديد من هذه
المدارس، وترتب علي ذلك واقع غريب بأن عددا من أصحاب التراخيص قد عينوا زوجاتهم وأقاربهم
لإدارة المدارس والعمل بها لتعظيم الربح العائلي، بل أصبح بعض أصحاب التراخيص يشرفون
علي أكثر من مدرسة واحدة.
هذا المدخل غير التربوي كان من الممكن تفاديه بإعداد قيادات تربوية لا يشوه كفاءتها
الاغراءات المادية، ترتبط مباشرة في أداء عملها بهيئة التعليم، ويكون لتميزها وكفاءتها
تقديرا واحتراما تحصل عليه بالطرق والوسائل المتعارف عليها في المجال التربوي.
عدالة النظام التعليمي
وتركزت القضية السادسة علي عدم عدالة هذا النظام حيث يشير د. الكبيسي إلي ان الذي ظهر
النظام التعليمي عام 2002 لم يكن علي سبيل التجربة، فالتجارب في النظم التربوية تجري
في العادة علي فصل من فصول الدراسة أو مرحلة من المراحلة التعليمية فإذا نجحت عممت
علي باقي الفصول أو المراحل التعليمية، وإذا فشلت صرف النظر عنها، ولكن الذي شهدناه
ان هذا النظام فرض كنظام بديل عن النظام السابق دون مبررات كافية.
وبدأ بإجراءات فصل بين مدارس تتبع المجلس الأعلي للتعليم وهيئاته وبين مدارس
تتبع وزارة التربية والتعليم. وأخذت المدارس التابعة للمجلس الأعلي للتعليم تزداد عدديا
كل عام بواقع من 10 - 20 مدرسة سنويا علي حساب المدارس التي تشرف عليها وزارة التربية
والتعليم والتي أصبحت فيما بعد زارة التعليم والتعليم العالي، وإذا حللنا هذه الاجراءات
نجد انها غير منصفة وغير عادلة في حق التلاميذ والطلبة وهو إجراء يهدم فبدأ معروف في
النظم التربوية يقوم علي قاعدة تكافؤ الفرص بين التلاميذ والطلبة جميعاً من دون تمييز،
فلا يجوز علي الاطلاق ان تكون لدينا مدارس مدعومة بكل ما تحتاج إليه من إمكانات مادية
وفنية وبشرية وبين مدارس محرومة من مثل تلك العناية.
وكان الأحري بالقائمين علي سياسة النظام التربوي ان يكون التحول شاملاً من نظام
قائم إلي نظام جديد إذا كانت القناعة كافية في نظرهم بسلامة هذا النظام وضرورته.
وفي هذا السياق أيضاً نلاحظ ان هناك ظواهر أخري بدأت تخرج للعلن متمثلة في الدعوة إلي
استضافة مدارس أجنبية خاصة لإنشاء فروع لها ليست لتدريس ابناء الجاليات الاجنبية فحسب
وإنما لتدريس ابناء القطريين كذلك من خلال صرف كوبونات لأولياء أمور التلاميذ والطلبة
لتغطية مصاريف قبول ابنائهم في تلك المدارس، وإذا أردنا التعرف علي أصل هذه الفكرة
ومنشئها نجد انها قد وردت في مشروع مؤسسة (rand) الأمريكية التي تم التعاقد معها من
قبل الدولة لتقديم مشروع متكامل لتطوير التعليم العام في دولة قطر.
وقد تقدمت مؤسسة (رند) بثلاثة بدائل، البديل الأول يقوم علي أساس اصلاح النظام
التربوي من خلال إصلاح نظام العمل في وزارة التربية والتعليم وقد استبعد هذا البديل
لأن وزارة التربية والتعليم حسب رأي مؤسسة (رند) غير مؤهلة لقادة متطلبات الإصلاح التربوي
المرغوب فيه لأنها تتصف بخبرات تاريخية يغلب عليها النظام الإداري البيروقراطي ذو الطابع
المركزي، اما البديل الثاني فهو يعتمد علي نظام ال (Charter School) الذي أطلق عليه
اسم (المدارس المستقلة)، وهو نسخة طبق الأصل للمدارس التجريبية الأمريكية التي سبق
الاشارة إليها في القضية الخامسة.
وجاء البديل الثالث تحت مسمي (foucher School) الذي وصف بأنه نظام يتمتع بحرية مطلقة
لأولياء الأمور لاختيار المدارس التي يرغبون ارسال ابنائهم للدراسة فيها من خلال منحهم
كوبونات لتغطية كلفة التعليم بحسب المراحل التعليمية المختلفة.
والبديل الثالث هذا يهدف في نهاية المطاف إلي تحويل نظام التعليم الحكومي إلي
تعليم خاص. إذا ما يراه البعض مفاجئا اليوم، كان ضمن خطة سابقة تقدم علي جرعات محسوبة.
إعادة النظر في النظام
وتركزت آخر القضايا التي اثارها د. الكبيسي حول إعادة النظر في أساس هذا النظام حيث
يري د. الكبيسي ان الجوانب الايجابية لهذا النظام يمكن الاستدلالل عليها بوضوح من خلال
اجراءات تحرير الأداء الإداري في المدارس من جمود وبيروقراطية النظام الإداري المركزي
السابق، كما يمكن ملاحظتها في عملية التركيز والتوجه نحو التعلم والتعليم النوعي، ومن
نتائج ذلك ان البيئة المدرسية قد تحولت إلي مجال أفضل للتعلم والتعليم، وأصبحت المدرسة
نشطة تهيئ الفرص للابتكار والابداع واستنباط طرق وأساليب جديدة في مجال التربية والتعليم
وأصبح التلاميذ والطلبة يشعرون بأجواء السعادة التي تعلي من دافعية الانجاز لديهم.
ويضيف: ونقدنا للنظام التربوي الجديد لا ينكر ما حدث من تحول مرغوب فيه في الجوانب
الفنية تلك ولكننا لا ننبهر بها لأنها مطلب ضروري من مطالب التعليم الحديث.
ولكننا نقف بحذر شديد لما يشهده النظام التعليمي من تغيير شامل لهيكلته ومحتواه التعليمي
وأهدافه ولغة التعليم، هذا التغير يعد حدثا غير مسبوق في توجهاته علي المستوي العربي
والدولي يتعذر علي المحللين في المدي الطويل التنبؤ بعمق تأثيره المستقبلي علي البناء
الاجتماعي ونسقه القيمي والثقافي.
ويؤكد ان الحكمة تقتضي ان يبادر المسؤولون لإعادة النظر في توجهات هذا النظام وغاياته
لأن ذلك يتعلق بمستقبل الأجيال وطموحات أفراد المجتمع وسمعة الوطن ومستقبله.
وبما ان الخطوات الأولي في مسيرة هذا النظام ما زالت في بدايتها، فإن عرض خططه ومراميه
وأهدافه للحوار الجاد علي قطاعات واسعة من ابناء المجتمع القطري من خلال ندوات علمية
متخصصة هي الضمانة الأكيدة لإثارة الحماس والتأييد وتوفير قدر كاف من القناعة للأخذ
بالجوانب الايجابية فيه وتعزيزها ليصبح بعد ذلك نظاما تربويا نابعا من حاجة ابناء المجتمع
ومن مساهمتهم فيه، لأن استعارة تجربة تربوية من الخارج ما زالت تحت التقييم والاختبار
كما هو حاصل الآن وزرعها في مجتمعنا الذي يختلف كل الاختلاف من حيث لغته وثقافته ودينه
ونظامه السياسي ومؤسساته الرقابية عن المجتمع الأمريكي ومكوناته الإثنية والعرقية ومعتقداته
الدينية والفلسفية، يعد مخاطرة كبيرة تستوجب إعادة النظر فيها من حيث الاساس. لأن المخاطرة
في تشكيل شخصية أطفالنا وصياغة نمط تفكيرهم ونظرتهم للحياة من خلال تنشئتهم الاجتماعية
والثقافية التي يهدف النظام التربوي الجديد تحقيقها، هي مسؤولية تاريخية تتحمل نتائجها
الدولة والمجتمع.
قانون
رقم (2) لسنة 1977 بإنشاء جامعة قطر
قانون
رقم (11) لسنة 2006 بشأن المدارس المستقلة
قانون
رقم (6) لسنة 2000 بشأن مزاولة الخدمات التعليمية
قانون
رقم (1) لسنة 2000 بتعديل بعض أحكام القانون رقم (2) لسنة 1977 بإنشاء جامعة قطر
قانون
رقم (7) لسنة 2004 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم (37) لسنة 2002 بإنشاء المجلس
الأعلى للتعليم وتعيين اختصاصاته
قانون
رقم (14) لسنة 2006 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم (37) لسنة 2002 بإنشاء المجلس
الأعلى للتعليم وتعيين اختصاصاته
مرسوم
بقانون رقم (34) لسنة 2004 بتنظيم جامعة قطر
مرسوم
بقانون رقم (37) لسنة 2002 بإنشاء المجلس الأعلى للتعليم وتعيين اختصاصاته
قرار
مجلس الوزراء رقم (10) لسنة 2006 بتعديل تنظيم بعض الوحدات الإدارية التي تتألف منها
وزارة التربية والتعليم
دورة
المـهارات البحثيـة تناقش قضايا البيئة التعليمية
قـطر
تبنت برنامجاً طموحاً لإصلاح التعليم وتطويره
لجنة
لدراسة دمج إدارات التربية بالمجلس الأعلي للتعليم
التربية:
ندوات قانونية للتعريف بالإجراءات الجديدة لتقييم الأداء
هيئة
التعليم انتهت من إعداد المناهج وفقاً لأحدث المعايير العالمية