الشرق - السبت 18/10/2008
م
قطر حققت مرتبة متقدمة
في مكافحته
الفعاليات الاقتصادية تطالب بتحديث قوانين مكافحة الفساد
د. السليطي: نحتاج لمزيد من الضوابط والتشريعات الخاصة بمكافحة الفساد لمواكبة
التطورات الاقتصادية
المير: القطاع الخاص يضطلع بدور مهم في مكافحة الفساد بعدم الانجرار وراء الإغراءات
الشفافية الدولية: الفساد في البلدان الفقيرة يشكل "كارثة إنسانية" حقيقية فتاكة
هدف المفسدين هو تحقيق أقصى المنافع الخاصة من الوظيفة العامة وبطرق غير مشروعة
الدوحة - عائشة أحمد
:
يوجد الفساد في كل بلد تقريبا، غير أن أثره المدمر يشتد في البلدان النامية،
ويعد الفساد العدو الأول للتنمية الاقتصادية وتطوير العملية الديمقراطية.
والفساد أكبر المشكلات العالمية التي تجمع المؤسسات المحلية والدولية على اعتبارها
العقبة الرئيسة أمام الإصلاح والتنمية والاستثمار الصحيح, وسببا مهما لتنامي أعمال
المخدرات والمافيات وغسيل الأموال.
وقالت منظمة الشفافية الدولية في تقريرها السنوي لعام 2008 الذي نشر مؤخرا في برلين
إن الفساد في البلدان الفقيرة يشكل "كارثة إنسانية" حقيقية فتاكة.
وقالت هوايت لابيل رئيسة هذه المنظمة غير الحكومية إن "استمرار الفساد والفقر بمستويات
عالية في عدد من المجتمعات الدولية هو أشبه بكارثة إنسانية دائمة لا يجوز السماح بها"
وتحكم ظاهرة الفساد مجموعة عوامل متداخلة فيما بينها منها السياسي والاقتصادي والاجتماعي
والثقافي والإداري.
إلى جانب العوامل الخارجية أو ما يصطلح عليه بالفساد العابر للحدود من خلال دخول الشركات
الأجنبية السرية منها والعلنية.
أوجه الفساد
وقد عرف صندوق النقد الدولي في تقريره لعام 1996 الفساد الإداري بأنه سوء استخدام السلطة
العامة من أجل الحصول على مكاسب خاصة تتحقق حينما يتقبل الموظف الرسمي الرشوة أو يطلبها
أو يستجديها أو يبتزها.
وفي حالة انتشار الفساد يصاب القطاع الاقتصادي بسوء التخطيط لعملية التنمية الاقتصادية
وفقا لأسس علمية وتغيب دراسات الجدوى لأغلب المشاريع وسوء توزيع الثروة وتدني مستوى
الدخل الفردي.
ويصاب الجانب المالي بالفساد كذلك حيث يتم هدر المال العام وتحقيق منافع شخصية من وراء
ذلك وتكتمل حلقة الفساد بضعف أجهزة الرقابة وفسادها وتخلف الإجراءات الإدارية وعدم
مواكبتها لروح العصر وحاجات المجتمع فضلا عن ضعف سياسات التوظيف وفسادها وعدم الأخذ
بنظرية وضع الشخص المناسب في المكان المناسب.
ويبقى الهدف الأساسي من إصابة هذه القطاعات المختلفة بالفساد هوتحقيق أقصى المنافع
الخاصة من الوظيفة العامة وبطرق غير مشروعة.
قطر عدو الفساد
وقد سجلت قطر ترتبيا متقدما على مؤشر مكافحة الفساد لسنة 2008 بحسب تقرير منظمة الشفافية
الدولية فكيف سينعكس هذا على الدفع بعجلة الاقتصاد المحلي إلى المزيد من التطور والنمو.
"الشرق" استطلعت آراء مجموعة من الفعاليات الاقتصادية المحلية حول انعكاسات نتائج هذا
التقرير على الاقتصاد المحلي وسبل مواصلة تدعيم نهج الشفافية ومكافحة الفساد.
المزيد من الضوابط والقوانين، حيث يرى د. خالد بن إبراهيم السليطي الرئيس التنفيذي
للأولى للتمويل بأن هذه النتيجة التي حصدتها قطر في مكافحة الفساد على مستوى العالم
ليست مستغربة لأسباب عديدة أهمها بحسب رأيه الإدارة الرشيدة في الدولة التي ما فتئت
تعمل جاهدة على مكافحة الفساد ووضع الضوابط والإجراءات الأزمة التي تحد من مثل هذه
الممارسات.
ويرى السليطي أن هذه النتيجة سيكون لها انعكاس إيجابي على القطاعين الاقتصاديين الخاص
والعام للعمل على الوصول إلى المزيد من الشفافية في العمل كما ينوه السليطي إلى الدور
الرائد الذي اضطلع به المصرف المركزي وهو جهاز حساس بحسب تعبيره والذي لم يدخر جهدا
في وضع القوانين والضوابط لإعطاء المزيد من الشفافية للمستثمرين في الشركات الخاصة
المالية وفي القطاعين المصرفي والمالي.
ويري السليطي أن المحافظة على هذا النهج في مكافحة الفساد يتأتي من وضع المزيد من الضوايط
والتشريعات والقوانين الخاصة بمكافحة الفساد تكون مواكبة للتطورات الاقتصادية المحلية
والعالمية.
التسويق الاجتماعي
أما خالد علي المهندي عضو واحة قطر للتكنولوجيا ومدير التسويق فيرى أن النتيجة التي
حققتها قطر دوليا في عملية مكافحة الفساد ستكون عاملا مشجعا على جلب المزيد من الاستثمارات
للدولة ولاسيما الشركات العالمية الكبرى.
أما على المستوى الداخلي فإن هذه النتيجة تولد جوا من التحفيز لباقي الشركات
والمؤسسات للتطوير من نفسها حتى تدخل ضمن دائرة المؤسسات المعترف لها بالشفافية والنزاهة
ولتتبوأ مرتبة بين الشركات الرائدة في مكافحة الفساد.
أما عن سبل مكافحة الفساد فيرى المهندي أن للفساد أوجها عدة منها المتعارف عليه بين
أوساط المجتمع كالرشوة والمحسوبية والمحاباة وهذه محاربتها تتم عن طريق عملية " التسويق
الاجتماعي "والتي تشمل تحفيز الناس على الرجوع إلى المبادئ والقيم الأخلاقية التي تعلي
من شأن الصدق في المعاملة والأمانة والعدل إلى غير ذلك من هذه القيم التي بدأت تتراجع
في مجتمعاتنا لاسيما بين جيل الشباب وهذا يكون بتقوية العامل الديني وإذا فشلت عملية
التسويق الاجتماعي لابد من اللجوء إلى أسلوب العقاب عن طريق القوانين الصارمة.
التميز في الوضوح والشفافية
من جهته أكد عبد الرحمن المير مساعد المدير العام للخدمات المصرفية للأفراد في بنك
الدوحة على أن مكافحة الفساد تمثل الأولوية بالنسبة لأي اقتصاد يسعى للتطور والقوة
لذلك فالوضوح والشفافية هما العاملان اللذان لابد من توفرهما في كل تعاملات المؤسسات
سواء من القطاع الخاص أو العام ولا سيما لقطاع الخاص الذي يرى المير أنه ملزم بالوضوح
والافصاح عن تعاملاته إذا أراد أن يدخل في منافسة مع كبريات الشركات العالمية لأن منطق
العولمة يفرض عليك أن تمشي مع التيار وإلا ستكون خارج المنافسة والنشاط أي كان نوعه
وبحسب المير فإن التميز في هذا العالم المعولم والمفتوح على بعضه إلا بالشفافية والوضوح
وبالبنية التحتية القوية ذات المعاملات القوية الشفافية.
وفي تصريح سابق للشرق أكد سعادة الشيخ فيصل آل ثاني نائب محافظ مصرف قطر المركزي رئيس
اللجنة الوطنية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب التزام دولة قطر الدائم بمكافحة
هذه الجرائم وذلك بهدف حماية سمعتها المتنامية كأحد المراكز المالية ذات المستوى العالمي
مشيرا إلى أن تقرير صندوق النقد الدولي حول الأنظمة والسياسات المطبقة في دولة قطر
قد أظهرت عدم وجود دلائل ملحوظة على أنشطة غسيل الأموال في الدولة كما أن الدولة تتمتع
بواحد من أقل معدلات الفساد في المنطقة إلى جانب أنها تأتي في مقدمة الدول التي تطبق
أنظمة حوكمة مؤسسية فعالة.
وقال إننا على ثقة أننا هنا في دولة قطر في موقع جيد يساعدنا على توحيد جهود كافة السلطات
الرقابية المعنية للوقاية من هذه المخاطر وتحقيق استقرارأنظمتنا المالية وشفافيتها
وسلامتها.
الابتعاد عن الإغراءات
من جهته أكد رجل الأعمال ناصر أحمد محمد المير على أن الشفافية هي المعيار الأول للنمو
الاقتصادي لأي بلد وتعد قطر من الدول التي استطاعت أن تحجم نسب الفساد فيها بما سنته
من قوانين مشددة لاستئصال شأفة هذه الآفة على المستوى الإداري والمالي وهذا أعطى مصداقية
للمستثمرين الأجانب للإقبال على وضع رؤوس أموالهم للاستثمار في قطر لمعرفتهم أن هناك
قوانين وضمانات صارمة تحمي رؤوس أموالهم واستثماراتهم ولا تعيق نموها أو تحويلها أو
التصرف فيها بحرية كاملة.
وعن دور القطاع الخاص في ترسيخ نهج مكافحة الفساد أوضح المير أن القطاع الخاص في الدولة
يضطلع بدور هام في مكافحة الفساد في المجتمع وذلك بأن لا ينجر وراء أي إغراءات ولا
يشترك في أي عمليات استثمارية لا يمتلك كل معطياتها ولا نتائجها وأن لا يلهث للكسب
السريع ولا الدخول في المشاريع الضخمة التي لا يمتلك المقدرة على اتمامها.
مواصلة النهج
ومواصلة من الدولة لهذا النهج صادق مؤخرا الاجتماع السابع للجنة الوكلاء بدواوين المراقبة
والمحاسبة بدول مجلس التعاون في ختام اجتماعاته بالدوحة على مشروع جدول أعمال رؤساء
دواوين المحاسبة والذي من المقرر أن يعقد يوم 26 أكتوبر الجاري بدولة قطر، حيث تم خلال
الاجتماع تكليف ديوان المحاسبة في دولة قطر باستكمال وضع ورقة عمل حول استراتيجية مكافحة
الفساد في دول المجلس لعرضها على اجتماع رؤساء دواوين المحاسبة في اجتماعه القادم،
كما أوضح سعادة السيد عقل مناور الضميري مدير إدارة شؤون دواوين المحاسبة والرقابة
المالية بالأمانة العامة لدول مجلس التعاون في تصريح سابق لـ "الشرق" أنه بالإضافة
إلى تكليف ديوان المحاسبة في دولة قطر باستكمال إعداد ورقة عمل حول استراتيجية مكافحة
الفساد في دول المجلس فإن جدول أعمال رؤساء الدواوين الذي أعدته لجنة الوكلاء يتضمن
مشروع قواعد الرقابة في مجالي الرقابة على غسيل الأموال.
التغيير في القيم
ويلاحظ صموئيل هينغتنتون في كتابه عن التطور السياسي أن ثمة ظروفا وحالات ينتعش فيها
الفساد الحكومي مثل النمو السريع والتحديث الذي تتعرض له بعض الدول وذلك بسبب تغير
القيم ومصادر الدخل والقوة والتوسع الحكومي، ويزيد الفساد أيضا في الدول التي تغلب
فيها المصالح التجارية الأجنبية.
الفساد عدو التنمية
وقد أصدرالبنك الدولي برنامجاً لمحاربة الفساد المالي في المشاريع التي يدعمها حماية
لها، ومن خلال استبيان أجراه البنك تبين أن أكثر من 150 من المسؤولين رفيعي المستوى
ومن الأشخاص البارزين في المجتمع، في أكثر من 60 دولة من دول العالم الثالث، أكدوا
أن الفساد في القطاع العام يمثل عقبة كأداء تحد بشكل كبير من عملية التنمية، وتضعف
قدرة الدول على دفع التنمية الاقتصادية والاجتماعية وجذب الاستثمارات.
وطبقاً لتقديرات البنك الدولي، بلغت قيمة الرشاوى الدولية حوالى 80 بليون دولار سنوياً
من قيمة الاستثمارات الأجنبية، وفي دراسات عن الفساد وجد أن العالم يخسر تريليون دولار
كرشاوى مباشرة، ويبلغ حجم الفساد في الدول العربية طبقاً لآخر تقديرات للبنك الدولي
300 بليون دولار سنوياً، وهذا المبلغ الفلكي يمثل 30.3 في المائة من مجمل الفساد العالمي!
ناهيك عن الرشاوى غير الظاهرة.
وطبقاً لتقرير التنمية الإنسانية العربية فإن نسبة الفقر في بعض الدول العربية تلامس
27 في المائة، بينما تقفز في البعض الآخر إلى 30 في المائة، ناهيك عن أن أكثر من (73)
مليون عربي قدر لهم أن يعيشوا تحت خط الفقر، وحوالى (109) ملايين نسمة من العرب يعانون
من سوء التغذية، أما نسبة الأمية بلغت أكثر من 46 في المائة من السكان، ويبلغ عدد الأميين
من بين البالغين العرب حوالى 65 مليون إنسان، تمثل النساء الثلثين فيها وهي أعلى كثيراً
مما هي عليه في بلدان أفقر من الدول العربية، طبقاً لتقرير التنمية الإنسانية العربية.
قام خبراء عرب في عام 2004 بإجراء مسح في 5 دول عربية تعتبر من الدول الكبرى الرئيسية
حول التطور في المنطقة ليتم تقديمه إلى تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية الخاص
بالعالم العربي. وقد أظهر المسح أن 90% من الناس في هذه الدول يعتقدون أن الفساد السياسي
والاقتصادي قد استشرى في مجتمعاتهم. والتذمر الأساسي عندهم كان سببه أن المسؤولين الموجودين
في السلطة يحتكرون القطاعات الاقتصادية الأساسية, سواء كان ذلك بشكل مباشر أو عن طريق
شركاء من القطاع الخاص.
وقد كان للفساد المستشري في هياكل الإدارة والمجتمعات العربية تأثير مباشر وبليغ على
استقطاب الاستثمارات الخارجية وبحسب تقرير اقتصادي لخبراء في الاقتصاد أشاروا فيه إلى
أن البلدان العربية مجتمعة تستقطب نحو 9 مليار دولار سنويا من الاسثمارات المباشرة
أو ما يعادل 1% من إجمالي الاستثمار الأجنبي الوارد على المنطقة بينما دولة صغيرة مثل
سنغافورة تستقطب نحو 30 مليار دولار.
واعتبر المصرفيون العرب أيضا أن الفساد كان من العوامل المباشرة في ارتفاع معدل البطالة
في الوطن العربي والذي يصل إلى%15 وطرح تحديا كبيرا أما الحكومات ألا وهو تحديات رفع
مستوى المعيشة للمواطن العربي.
ومع تفشي الفساد بهذا الشكل البشع في عالمنا العربي، يرى المراقبون ضرورة دعم تأسيس
هيئات أو مؤسسات أو جمعيات للشفافية والنزاهة حكومية وغيرها، أسوة بما هو مأخوذ به
في بعض الدول المتقدمة للحد من نسبة الفساد غير المقبولة التي بلغت 30.3 في المائة
من حجم الفساد بالعالم.
معالجة الفساد
أما عن معالجة الفساد فيرى المختصون أنها لا تتأتى إلا بمنهجية شاملة تستهدف محاصرته
والتعامل مع أسبابه ومكوناته، فالفساد أساسا يقع عندما يكون الاحتكار والقدرة على التصرف
ولا تكون ثمة مساءلة، والعلاج يقع في الشفافية الإدارية والمالية والمحاسبة والمتابعة
واختيار الأمناء دائما وتعديل المكافآت والحوافز والعقوبات وتطوير أنظمة المعلومات
والتحري.
ويتفق بعض الخبراء على سبل مكافحة الفساد فيرون أن معالجته لا تكون إلا بمنهجية شاملة
تعمل على محاصرته وتحجيم أسبابه ومكوناته، لأنهم يرون أن الفساد لا يقع أساسا إلا عندما
ينتشر الاحتكار وتتوافر القدرة على التصرف ولا تكون ثمة مساءلة، والحل يكون في الشفافية
الإدارية والمالية والمحاسبة والمتابعة واختيار الأمناء دائما وتعديل المكافآت والحوافز
وتطوير العقوبات والتحديث من أنظمة المعلومات والتحري.
وقد نشرت جامعة كاليفورنيا دراسة مهمة لروبرت كليتجارد بعنوان "السيطرة على الفساد"،
ويلاحظ كليتجارد أن الفساد كموضوع لم يدرس إلا قليلا، وأنه موضوع يتحاشى الناس ذكره
ويتجنبون الخوض فيه ويعتقدون أنه لا يمكن عمل شيء تجاهه، أو كما وصفه البعض "الحاضر
الأكبر والغائب الأكبر".
قانون
رقم (28) لسنة 2002 بشأن مكافحة غسل الأموال
مرسوم
بقانون رقم (21) لسنة 2003 بتعديل بعض أحكام القانون رقم (28) لسنة 2002 بشأن مكافحة
غسل الأموال
مرسوم
رقم (17) لسنة 2007 بالتصديق على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد
مكافـحة
غسل الأموال و تمويل الإرهـاب
دراسة
قطرية تدعو إلى تجريم غسل الأموال
طرح
قوانين جديدة تعزز النزاهة والشفافية
قطر
خالية من غسل الأموال وتمويل الإرهاب
فهد
بن فيصل: قطر تتميز بأقل معدلات الفساد في المنطقة
النائب
العام :لا خطوط حمراء في قطر في محاربة الفساد
فهد
بن فيصل: قطر تتميز بأقل معدلات الفساد في المنطقة
إنجازات
قطر متميزة في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب
وزير العدل يبحث مكافحة غسل الأموال مع النائب العام المصري
مجلس
الوزراء يوافق علي مشروع قانون مكافحة غسل الأموال والإرهاب
إستراتيجية
مكافحة الفساد وتطوير قواعد الرقابة لدول مجلس التعاون الخليجي