العرب -الاثنين 27 يوليو 2009 م - العدد 7715
دكتوراه في القضاء الشرعي لمحمد المري
دراسة تدعو إلى تعديل مواد في قانون الأسرة القطري
- حاتم العبادي
منح الطالب محمد حمد سالم بوشهاب آل سنيد المري درجة الدكتوراه في القضاء الشرعي
أمس من الجامعة الأردنية. وبعد مناقشة أطروحة الدكتوراه للطالب محمد حمد بوشهاب آل
سنيد المري، التي جاءت تحت عنوان «فرق النكاح في قانون الأسرة القطري»، التي أشرف
عليها عميد كلية الشريعة السابق الأستاذ الدكتور عبد المجيد الصلاحين، قررت لجنة
المناقشة منح الطالب درجة الدكتوراه.
وتكونت لجنة المناقشة من أستاذ أصول الفقه الدكتور محمد القضاة، والدكتور عدنان
العساف نائب عميد كلية الشريعة من الجامعة الأردنية، والقاضي الدكتور أشرف العمري
من دائرة قاضي القضاة الأردنية.
وبعد مناقشة، دامت زهاء ساعتين بحضور أهل وذوي الطالب المري، وطلبة الدراسات العليا
من الجامعة الأردنية، قررت اللجنة اعتبار الطالب ناجحاً في الحصول على درجة
الدكتوراه، مع الأخذ بالملاحظات التي أوردها أعضاء اللجنة التي في مجملها ركزت على
أمور شكلية.
وما أن أعلنت اللجنة قرارها، حتى ضجت القاعة بالتصفيق لتهنئة المري بحصوله على
الدكتوراه، وتناولت المناقشات جميع أبحاث الأطروحة التي جاءت في حوالي (350) صفحة.
كما ألقى شاعر القدس سنيد صالح الدعيه المري، بعد إعلان القرار، قصيدة شعرية، أكد
خلالها على أهمية العلم من أجل النهوض والتطوير في البلاد، مثمناً الجهود التي
بذلها المري للحصول على درجة الدكتوراه، حيث تزاملا معاً في درجة الماجستير في نفس
الجامعة (الجامعة الأردنية).
وأجمعت لجنة مناقشة أطروحة الدكتوراه، على أهمية موضوع الرسالة، مثنية على الجهود
التي بذلها الباحث، خصوصا أنه تناول جانبا يتطلب عناء كبيرا، وهو أحد أبواب الفقه.
إشادة
أكد الدكتور عبد المجيد الصلاحين على أهمية الرسالة التي تقدم بها المري؛ إذ تعتبر
من المحاولات الأولى التي تناولت قانون الأسرة القطري، الذي يعتبر حديث النشأة، وتم
إنجازه في منتصف عام 2006.
وقال إن القانون بحاجة إلى دراسة وتحليل وشروح وصولا إلى معرفة مصادر الفقه الحنبلي،
ومن أجل الخروج بتوصيات حول مواده، إذ يحتاج بعضها إلى تعديل ليكون أكثر انسجاما مع
الإسناد الفقهي الصحيح.
وأضاف أن هذه الرسالة تناولت جانبا مهما من القانون، والمتعلق بفرق النكاح، وهو
يحتل جانبا كبيرا من المواد القانونية، متمنيا أن يتم تناول الجوانب الأخرى، مثل
النكاح، والمهر، والنفقات، وغيرها من خلال جهود بحثية وعلمية.
وتناولت الدراسة «فرق النكاح في قانون الأسرة القطري»، الذي اعتمد في شهر يونيو من
عام 2006 بهدف توحيد المرجعية في أحكام الأسرة، وقد قسم القانون الفُرَق إلى قسمين
الأول الفُرْقَة بالطلاق، والثاني الفُرْقَة بالفسخ، حيث اعتبر كل الفُرَق ما عدا
الطلاق فسخا، ولكون هذا الجزء من القانون هو الأكثر تطبيقا في المحاكم، فقد اخترت
أن أتناوله بالدراسة، فكانت هذه الدراسة عبر مقدمة وتمهيد وبابين وخاتمة».
وتناولت الدراسة في بابها الأول، الفُرْقة بالطلاق بما فيها ألفاظ الطلاق، وأحكام
وقوعه، من عدمها، وشروطه، في حين اختص الباب الثاني عن الفُرْقة بالفسخ، وهي باقي
الفُرَق مثل: التفرق للخلع، والإعسار، والفقد، والضرر، والعيوب، والإيلاء، واللعان،
والظهار، والردة، وإسلام الزوجة، متضمنة ما ورد في القانون وما لم يذكره أرجع فيه
للمذهب.
ملاحظات وتوصيات
وخلصت الدراسة إلى عدة ملاحظات على القانون، رغم كل الجهود التي بذلت من قبل اللجان
التي كلفت بإنشائه، والملاحظة الأولى في المادة الثالثة منه.
وجاء فيها «فيما لم يرد بشأنه نص في هذا القانون، يعمل بالراجح من المذهب الحنبلي،
ما لم تر المحكمة الأخذ بغيره لأسباب تبينها في حكمها، وإذا لم يوجد رأي راجح في
المذهب الحنبلي لواقعة لم يرد بشأنها نص خاص في هذا القانون، طبق القاضي ما يراه
ملائما من آراء المذاهب الأربعة، وإذا تعذر ذلك، طبق القواعد الفقهية العامة في
الشريعة الإسلامية».
وترى الدراسة أن هذه «المادة تخالف أهم مقصد من مقاصد القانون، وذلك أن القانون
قُصد بإنشائه توحيد المرجعية، والذي يترتب عليه توحيد الأحكام، فهذه المادة جعلت
للقاضي الخيار بالأخذ بالمذهب الحنبلي أو الأخذ بغيره فيما لم يرد بشأنه نص خاص،
وهذا كثير في القانون كألفاظ الصريح والكناية للطلاق وغيره».
وأوضحت أن «الراجح في المذهب هو ما عليه المعتمد والفتوى، وهو ما اتفق عليه رواية
الإقناع والمنتهى، فإن اختلفا تقدم رواية المنتهى، وذلك لما لهما من اهتمام عند
المتأخرين من الحنابلة، فقد قيل عن كتاب الإقناع بأنه جرد فيه الصحيح من مذهب
الإمام أحمد، ولم يؤلف أحد مؤلفا مثله في تحرير النقول وكثرة المسائل، وقيل عن كتاب
منتهى الإرادات بأنه عمدة المتأخرين في المذهب وعليه الفتوى فيما بينهم».
وأشرت إلى أن متأخري الحنابلة اهتموا بهذين الكتابين، وكان عليهما مدار الفتوى
والقضاء، وإن اختلفا قدم المنتهى، لأنه أكثر تحريراً وتصحيحاً، فقد جمع فيه مؤلفه
بين كتابين قيمين لمؤلفين عظيمين كان لهما الحظ الأوفر في تحقيق المذهب، فقد جمع
بين المقنع لموفق الدين ابن قدامة، والتنقيح المشبع للعلامة المرداوي الذي يعتبر
تصحيحا لكتاب المقنع، واختصاراً لكتاب الإنصاف، فلا عجب إذا قدم على غيره».
وأوصت الدراسة بتعديل المادة، بحيث تكون «يعمل بالراجح من المذهب الحنبلي فيما لم
يرد بشأنه نص في القانون، إلا أن يؤدي الأخذ بالمذهب إلى مخالفة القانون أو لم توجد
المسألة في المذهب الحنبلي، فيأخذ القاضي بما يراه مناسبا من المذاهب الأربعة».
المذهب الحنبلي
أما الملاحظة الثانية فقد جاءت في المادة الرابعة، إذ نصت على أنه «يطبق هذا
القانون على من يطبق عليهم المذهب الحنبلي، وفيما عدا ذلك تطبق عليهم الأحكام
الخاصة بهم، وتسري على مسائل الأسرة للأطراف من غير المسلمين الأحكام الخاصة بهم،
وفي جميع الأحوال تسري أحكام هذا القانون متى طلبوا ذلك أو كانوا مختلفين دينا أو
مذهبا».
ووقفت الدراسة عند هذه المادة على ملاحظتين: الأولى، أن هذه المادة تحتمل أن المراد
بمن يطبق عليهم المذهب الحنبلي، هو من يتفق معهم الحنابلة في الأصول، وتحتمل أيضا
أن المراد بمن يطبق عليهم المذهب الحنبلي، هم الحنابلة أنفسهم، لكون المذاهب تختلف
في الفروع من مذهب لآخر، فتخرج المذاهب الأخرى من تطبيق القانون عليهم، فقد يقول
الحنفي مثلا أنا لا ينطبق علي المذهب الحنبلي، وإنما ينطبق علي المذهب الحنفي،
فيأتي وقد تزوج بحنفية بغير ولي، فيستطيع أن يحتج بأن هذا القانون لا ينطبق عليه،
وبل يطالب بتطبيق مذهبه عليه.
وبينت أن «هذه المادة قد أضيفت إلى القانون بعد رفعه إلى مجلس الوزراء لاعتماده،
وقصد بها إخراج المذهب الجعفري من هذا القانون، وقد فتحت ثغرة على القانون، لأنه لا
بد أن يكون واضحا في مواده، أما إذا وجدت مادة تحتمل أكثر من معنى، فهذا يتيح
استغلال هذه الثغرة بالقانون، والتخلص منه بأية وسيلة ممكنة، فتتعدد المرجعية، فلا
يبقى فائدة من إنشائه، لأنه قصد منه توحيد المرجعية».
وعليه أوصت الدراسة بتعديل هذه المادة، وينص على أن هذا القانون «يطبق على جميع
المسلمين ما لم يرد نص يستثني طائفة منهم، ثم يصدر نص يستثني ما يراد إخراجه عن هذا
القانون، حتى يتحقق الإلزام الصريح بمن ينطبق عليهم القانون ولا يبقى هناك تردد
فيمن ينطبق عليه».
أحكام خاصة لغير المسلمين
أما الملاحظة الثانية: وذلك أنه جاء في هذه المادة (وتسري على مسائل الأسرة للأطراف
من غير المسلمين الأحكام الخاصة بهم)؛ إذ أوضحت الدراسة أنه «يراد بهذه الفقرة أن
أصحاب كل ديانة إذا ترافعوا إلينا في المحاكم الإسلامية أن حكم بينهم بديانتهم، وإن
كانت هذه الأحكام تخالف ما هو متفق عليه بين المسلمين، كنكاح المحارم عند المجوس،
فإذا تحاكموا إلينا المجوس فعلى القاضي أن يحكم بينهم بديانتهم، وهذا مخالف للقرآن
كما في قوله تعالى: «سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَآؤُوكَ
فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن
يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ
يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ» ، ولقوله تعالى: «وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ
اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ».
وبينت أن وجه الدلالة من الآيتين: قال الإمام الشافعي رحمه الله: في هذه الآية -أي
الأولى- بيان -¬والله أعلم- أن الله -عز وجل- جعل لنبيه الخيار في أن يحكم بينهم أو
يعرض عنهم، وجعل عليه إنْ حكم أن يحكم بينهم بالقسط، والقسط حكم الله الذي أنزل على
نبيه المحض الصادق، أحدث الأخبار عهدا بالله عز وجل، قال الله عز وجل: «وَأَنِ
احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ». قال: وفي
هذه الآية ما في التي قبلها من أمر الله -عز وجل- له بالحكم بما أنزل الله إليه.
ولفتت إلى أن الخلاف بين العلماء وقع في كون الآية الأولى محكمة غير منسوخة، فيكون
الإمام مخيرا بين الحكم بينهم أو الإعراض عنهم، وفي كون الآية الثانية ناسخة لها،
فيجب على الحاكم أن يحكم بينهم ولا يعرض عنهم، وفي كلا الآيتين إذا حكم بينهم يحكم
بالإسلام.
أما أن يحكم بينهم الحاكم بحكمهم، ويترك الحكم بدين الإسلام الذي نسخ كل الأديان،
فهذا لم يقل به أحد من أهل العلم، بحسب الباحث.
وعليه رأت الدراسة أن تحذف هذه الفقرة، لأن الحكم بينهم بما في دينهم فيه إقرار
بصحة ديانتهم، وهذا لا يجوز، لأن القاضي يجب عليه أن يحكم بالعدل، والعدل الذي لم
يحرف لا يوجد إلا فيما أنزل على نبينا عليه الصلاة والسلام، فلا يتركه القاضي
المسلم ويحكم بغيره.
أكثر من مذهب
أما الملاحظة الثالثة على القانون فتمثلت في «التلفيق في المادة الواحدة بأكثر من
مذهب»، مشيرة إلى أن القانون في بعض مواده يأخذ في المادة الواحدة بأكثر من مذهب،
مما يؤدي إلى ضرب أقوال المذاهب بعضها ببعض، وينتج عنه قول لم يقل به أحد.
وأشرت إلى مثال وهو ما جاء في المادة رقم (143): (للزوجة طلب التفريق بسبب غياب
زوجها المعروف موطنه أو محل إقامته لمدة سنة فأكثر، ولو كان له مال يمكن استيفاء
النفقة منه، ويضرب له القاضي أجلا لا يتجاوز شهرين ينذره فيه، إما بالعودة للإقامة
معها، أو نقلها إليه، أو طلاقها، وإلا فرق بينهما).
وتشير الدراسة إلى أن هذه «المادة قد جمعت بين مذهبين، مذهب المالكية ومذهب
الحنابلة، وكل منهما قد وضع للتفريق بالغيبة شروطا، وسوف نذكرها هنا باختصار حتى
يتبين المقصود من هذه الملاحظة، فالتفريق عند المالكية لما يلحق الزوجة من الضرر
بترك الوطء، فإذا طالت غيبته كسنة فأكثر، وأدى ذلك إلى أن تخشى على نفسها من الوقوع
في الزنا، وأبى بعد الكتابة إليه -وأمكن وصولها إليه- أن ينقلها إليه ولم يطلق، طلق
عليه القاضي، سواء أكانت غيبته لعذر أم لغير عذر».
وأضافت أن التفريق عند الحنابلة
لأجل الغيبة التي لغير عذر، فإذا غاب لغير عذر فوق نصف سنة، وأبى القدوم لغير عذر
بعد أن يُكْتب إليه، وطلبت الزوجة التفريق فرق بينهما القاضي».
ولفتت إلى أن «القانون هنا جعل التفريق لأجل الغيبة، سواء
أكانت لعذر أو لغير عذر، وإذا كانت المدة سنة فأكثر ولم ينقلها إليه، أو لم يحضر
للإقامة معها، أو لم يطلقها، فرق القاضي بينهما».
وأضافت أن «القانون أخذ بمذهب الحنابلة في جعل التفريق لأجل الغيبة، لكن لم يقيده
بالغيبة التي لغير عذر، بل أخذ بمذهب المالكية في عدم القيد، وأخذ المدة من مذهب
المالكية، لكن لم يجعل التفريق لأجل التضرر بترك الوطء والخشية من الوقوع في الزنا،
بل جعل التفريق لأجل الغيبة، ولم يأخذ بقول الحنابلة في كون المدة فوق نصف سنة ولم
تكن لعذر».
وبينت «لأنه يحصل بذلك قول جديد غير قول المالكية والحنابلة، وهذا مما
لا ينبغي أن يكون في قوانين الأسرة عامة، لأنه يؤدي إلى ضرب أقوال المذاهب بعضها
ببعض، لأن كل قول بناه أصحابه على أصولهم وقواعدهم».
قانون
رقم (22) لسنة 2006 بإصدار قانون الأسرة
قرار
أميري رقم (23) لسنة 2002 بشأن المجلس الأعلى لشؤون الأسرة
قرار
أميري رقم (8) لسنة 1999 بتشكيل المجلس الأعلى لشؤون الأسرة
قرار
أميري رقم (53) لسنة 1998 بإنشاء المجلس الأعلى لشؤون الأسرة
قرار
أميري رقم (15) لسنة 2009 بتنظيم المجلس الأعلى لشؤون الأسرة
العنف
الأسري والطلاق يهددان كيان الأسرة
قرار
أميري بتنظيم المجلس الأعلى لشؤون الأسرة
الانتهاء
من مشروع قانون التقاضي في قضايا الأسرة
د.
الغانم تطالب بحلول للمشكلات الزوجية لدى الأسرة القطرية