جريدة الراية
1-6-2010م
عقود
توظيف القطريين بالحكومة غير دستورية
حوار
نشأت أمين :
أبدى المحامي يوسف أحمد الزمان تحفظه على نظام عقود توظيف القطريين مع الجهات
الحكومية الذي تم الكشف عنه مؤخرا واعتبره تعطيلا لكافة نصوص قانون إدارة الموارد
البشرية الذي تضمن ما يزيدعلى 175 مادة قانونية اشتملت على جميع الإجراءات والقواعد
والأحكام التي تنظم الوظيفة العامة.
وفجر «الزمان» مفاجأة في حواره الخاص مع (الراية) بالتأكيد على عدم دستورية هذا
النظام وانه سوف يلغي ويعطل الكثير من القواعد القانونية المستقرة محذرا في الوقت
نفسه من إصرار الجهات المعنية على تطبيق هذا الإجراء الذي سوف يفتح الباب واسعاً
أمام المحسوبية والتحيز والمحاباة.
وأشار الزمان الى ان الموظف القطري سوف يفقد قسطاً كبيراً من الأمن الوظيفي
والاستقرار النفسي، وان الزام الموظفين القطريين بتوقيع عقود توظيف مع الجهات
الحكومية يتناقض مع جوهر واساس الوظيفة العامة في قطر والمقررة بنصوص الدستور ومواد
قانون ادارة الموارد البشرية، لافتا الى ان تطبيق نظام العقود يجعل الوظيفة العامة
موضوعاً للاستغلال والمساومة وهو ما ينشأ عنه مساس خطير بالصالح العام ونوه الى ان
هذا النظام سوف يؤدي الى إخضاع علاقة الموظف القطري بالدولة أو الجهات الحكومية من
وزارات وأجهزة وهيئات ومؤسسات عامة إلى قاعدة (العقد شريعة المتعاقدين) وهو ما
يتعارض مع المبادئ الضابطة لسير المرافق العامة بانتظام.
وأكد ان الاساس في تعيين الموظفين القطريين بكافة الدرجات في الجهات الحكومية
لاسيما وظائف الدرجات الاولى فما دونها او ما يعادلها تكون بقرار من الوزير المختص
أو رئيس الجهاز الحكومي أو رئيس الهيئة أو المؤسسة... وإلى تفاصيل الحوار.
> بداية ما هو التعريف القانوني للوظيفة العامة؟
المادة 54 من الدستور نصت على أن «الوظائف العامة خدمة وطنية، ويستهدف الموظف العام
في أداء واجبات وظيفته المصلحة العامة وحدها»، ومفهوم هذا النص الدستوري ومؤداه أن
الوظيفة العامة في دولة قطر هي خدمة وطنية يؤديها الموظف، وهي حق للمواطنين طالما
أنها خدمة وطنية. والموظف العام حسب التعريف السائد في الفقه الاداري هو الذي يعهد
إليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام، وينسحب
هذا التعريف على موظفي المؤسسات والهيئات العامة والأصل في الموظفين العموميين في
النظام السائد في أغلب دول العالم أن يكونوا دائمين أو ثابتين في الوظيفة، ويقصد
بالدائمية ، أن يكون عمل الشخص بصفة دائمة ومستمرة، بحيث يتفرغ للعمل الوظيفي
تفرغاً دائماً دون انقطاع، بمعنى أن يظل الموظف العام بالخدمة أغلب عمره، فيستمر في
أعماله الوظيفية إلى التقاعد ببلوغ سن المعاش. وبذلك تكون الوظيفة العامة طبقاً
للدستور القطري ووفقاً لما سوف نتناوله من نصوص قانونية أخرى تعتبر عملاً مستقراً
ومستمراً للموظف القطري وتخضع لنظام قانوني خاص، يختلف عن ذلك الذي يحكم العمل في
القطاعات والمشروعات الخاصة. ويتفق رأينا هذا مع الهدف المقصود من الوظيفة العامة
في الدستور وهو تحقيق الصالح العام.
من هنا ومنذ أن صدر اول قانون للوظائف العامة المدنية في عام 1967 الملغي فإن
الوظيفة العامة تعتبر بالنسبة للموظف القطري عملاً مستقراً إذ يلتحق في خدمة
الحكومة في سن مبكرة ، ويظل حتى بلوغ سن التقاعد وأكثر من ذلك أحياناً، وينتقل
الموظف القطري خلال سني خدمته بين وظائف متعددة، ويرتقي شيئاً فشيئاً على درجات
السلم الاداري الوظيفي وفقاً للقواعد والضوابط القانونية والتي اهمها ان المركز
القانوني للموظف هو مركز تنظيمي أو لائحي بما يتضمن من حقوق والتزامات بمعنى ان
المركز القانوني للموظف ينشأ بمجرد صدور قرار التعيين الذي يسند الوظيفة إليه، ومن
ثم فإن الحقوق والالتزامات تتحدد بقانون الوظيفة العامة. ويخضع الموظف في علاقته
الوظيفية لقواعد معدة سلفاً، ليس له دخل في وضعها أو تحديد مضمونها. وقد تضمن قانون
الوظائف العامة المدنية قواعد عامة مجردة تسري على كافة الموظفين من نفس الفئة.
نخلص من ذلك إلى أن الوظيفة العامة في دولة قطر منذ نشأتها هي عملاً مستقراً لتحقيق
الصالح العام ، وبالتالي فإن علاقة الموظف بالسلطة الإدارية هي علاقة تنظيمية
تحكمها القواعد القانونية المتصلة بتنظيم الوظائف العامة، فالقواعد التي جاء بها
قانون الوظائف العامة المدنية عام 1967 هي التي كانت تحدد المركز القانوني للموظف
العام بما يتضمن من حقوق وواجبات حتى في الحالات التي كان يبرم فيها عقد إداري بين
الدولة والموظفين الأجانب. وكان الموظف يستمر في عمله ويظل بالخدمة ولا يترك الخدمة
الا ببلوغه سن التقاعد او لأسباب قانونية. واستمر هذا المفهوم للوظيفة العامة كذلك
وهيمنت هذه الفكرة على ما أورده قانون الخدمة المدنية رقم (1) لسنة 2001 السابق ذلك
أن تعيين الموظف القطري وفقاً لنصوص المواد 12، 13، 14 من ذلك القانون يكون إما
بمرسوم أميري او بقرار من الوزير المختص بحسب الأحوال. أي أن أداة التعيين في
الوظائف العامة تتم بقرار تصدره الادارة بارادتها المنفردة وهو قرار يستتبع تطبيق
النظام القانوني للموظفين (قانون الخدمة المدنية ولوائحه) على الشخص المعين. وكما
يلتحق الموظف بوظيفته بقرار اداري، فإنه يتركها كذلك بقرار فلا تنقطع صلة الموظف
القطري بالوظيفة بمجرد ابداء رغبته في الاستقالة ، وإنما لا بد من قبول الادارة لها
صراحة أو ضمناً.
وخلاصة القول، أن علاقة الموظف القطري بالادارة هي علاقة لائحية تنظيمية وليست
علاقة عقدية يحكمها عقد التوظيف.
> ما هو تكييف هذه العلاقة في ظل قانون ادارة الموارد البشرية المعمول به حالياً؟
قانون ادارة الموارد البشرية الحالي صدر في 242009 وتم العمل به ابتداء من اول
ابريل 2009. وجاء في نص المادة 11 على ان تكون اداة التعيين وفقا لما يلي:
1ـ بقرار أميري أو بمرسوم او قرار من السلطة المختصة بالتعيين
2ـ بموجب عقد توظيف وفقا للنماذج التي تعدها الادارة العامة
3ـ بعقد توظيف خاص، استثناء من جدول الدرجات والرواتب المرفقين بهذا القانون وذلك
لتعيين ذوي الخبرة والكفاءة والتخصصات النادرة بموافقة رئيس مجلس الوزراء.
4ـ بعقد مؤقت براتب مقطوع لمدة لا تجاوز ستة أشهر قابلة للتجديد لمدة أخرى
مماثلة...
وفي جميع الاحوال يكون تعيين الموظفين غيرالقطريين بموجب عقود توظيف) وقد اكدت
المادة 13 من قانون إدارة الموارد البشرية على ان تكون سلطة التعيين في الوظائف
بوجه عام بقرار.
ونستطيع التأكيد هنا على ان القاعدة في تعيين الموظفين القطريين بكافة الدرجات في
الجهات الحكومية وخاصة في وظائف الدرجات الاولى فما دونها أو ما يعادلها تكون بقرار
من الوزير أو رئيس الجهاز الحكومي أو رئيس الهيئة أو المؤسسة العامة بحسب الاحوال.
وبقرار التعيين وحده يعتبر الشخص شاغلا للمنصب الذي يدخل في التنظيم الاداري للمرفق
العام وبالتالي ينشأ المركز القانوني للموظف العام بمجرد صدور قرار التعيين الذي
يسند الوظيفة للموظف.
اما بالنسبة للموظف غير القطري فان التحاقه بالوظيفة الحكومية يكون بناء على عقد
توظيف يبرم بينه وبين الجهة الادارية المختصة ويهدف المتعاقد مع الادارة اساسا
وبصفة عامة الى الحصول على نفع يتمثل في المرتب الذي يتقاضاه الموظف غير القطري
ويعتبر الحق في المرتب هو اهم الحقوق التي يحصل عليها هذا الموظف بموجب العقد
المبرم بينه وبين الجهة الحكومية.
نخلص الى ان اداة التعيين بالنسبة للموظف القطري في الوظيفة العامة هي القرار
الاداري الصادر بتعيينه وبالنسبة للموظف غير القطري يكون عقد التوظيف هو الاداة في
تعيينه وبالتالي فان ما ورد في نصوص قانون ادارة الموارد البشرية بشأن تعيين
الموظفين بعقود وظيفية انما ينصب فقط على الموظفين الاجانب غير القطريين ولا يجوز
بالتالي وطبقا لنصوص قانون ادارة الموارد البشرية الزام الموظف القطري بابرام عقد
توظيف مع الجهات الحكومية من وزارات واجهزة حكومية وهيئات ومؤسسات عامة.
> وما هي الآثار السلبية المترتبة على تعيين الموظف القطري بنظام العقود؟
ان جوهر اساس الوظيفة العامة في دولة قطر وفقا للدستور بأنها خدمة وطنية تستهدف
المصلحة العامة وحدها وبالتالي فهي تعتبر عملا مستقرا ومستمرا وعلاقة الموظف القطري
بالحكومة وطبقا لقانون ادارة الموارد البشرية المعمول به هي علاقة تنظيمية تحكمها
القوانين واللوائح والقرارات الصادرة بهذا الشأن كما اسلفنا وترتيبا على ذلك فان
قرار التعيين لا يخلق الوظيفة وانما يتضمن اسناد الوظيفة للموظف المعين فيباشر
واجباتها ومسؤولياتها وفقا لما يقرره القانون (قانون إدارة الموارد البشرية) من هنا
فان الزام الموظفين القطريين بتوقيع عقود توظيف هو امر خطير ويتناقض مع جوهر واساس
الوظيفة العامة في دولة قطر المقرر بالدستور وقانون ادارة الموارد البشرية ذلك انه
بهذا الاجراء نكون قد جعلنا الوظيفة العامة موضوعاً للاستغلال والمساومة وهو ما
ينشأ عنه مساس خطير بالصالح العام، إذ يؤدي إلى احتمال اختلاف مراكز الموظفين
العموميين باختلاف شروط ونصوص عقودهم حتى لو كانوا يؤدون عملاً واحداً، بما يخل
بقاعدة المساواة بين الموظفين العموميين، وهو ما سوف يضر بالمصالح الخاصة للموظفين
القطريين من ناحية وبالصالح العام من ناحية أخرى إذ سوف تتأثر عملية التعاقد
والتوظيف بالاعتبارات والعلاقات الشخصية وغيرها، مما يفتح المجال واسعاً للتحيز
والمحاباة والمحسوبية.
وقال: إن إلزام الموظف القطري بالتوقيع على عقد توظيف مع الجهة الحكومية مؤداه
إخضاع علاقة الموظف القطري بالدولة أو الجهات الحكومية من وزارات وأجهزة وهيئات
ومؤسسات عامة إلى قاعدة (العقد شريعة المتعاقدين) وهذا يتعارض مع المبادئ الضابطة
لسير المرافق العامة بانتظام واطراد ومبدأ قابلية نظام المرافق العامة للتغيير
والتعديل بواسطة الإدارة تحقيقاً للصالح العام، ذلك انه وفقاً لهذه القاعدة لا يجوز
لأي من الطرفين وبإرادته المنفردة أن يدخل تعديلاً على بنود عقد التوظيف، كما وأنه
يجوز للموظف ترك وظيفته بإنهاء العقد بعد انتهاء مدته السنوية – حسبما قيل – وهذا
لا يتفق ومبدأ دوام سير المرافق العامة.
وأضاف: وسوف يفتقد الموظف القطري قسطاً كبيراً من الأمن الوظيفي والاستقرار النفسي
والاطمئنان على مستقبله الوظيفي وطموحاته المشروعة في الترقي والوصول إلى أعلى
درجات الوظيفة التي يتقلدها ، وذلك نتيجة احتمال إنهاء عقده الوظيفي من جانب
الإدارة في أي وقت دون ارتكابه لأي خطأ من جانبه أو إجراء تحقيق اداري معه.. وإذا
ما سلمنا – وهو أمر لا نسلم به – بمشروعية وجود بند في عقد التوظيف يعطي لأي من
طرفيه إنهاء العقد قبل نهاية مدته بفترة محددة وأنه لا مأخذ على ذلك من الناحية
القانونية لأن العقد شريعة المتعاقدين إلا أن النتيجة العملية التي سوف تترتب على
هذا التعاقد أن جهة الإدارة هي التي سوف تستفيد بالدرجة الأولى من هذا الحق
باعتبارها الطرف الأقوى وأن الموظف القطري وفي جميع الأحوال سوف يتولد لديه إحساس
بأنه طريد العمل في أي لحظة دون توقع وإحتساب لا سيما إذا تأكد مما نشر بأن عقود
التوظيف سوف تتضمن بنداً يجيز لكل من الطرفين إنهاء العقد في أي وقت بغير إبداء
أسباب.
والغريب أن الأمانة العامة لمجلس الوزراء وضعت كما نشر في الصحافة المحلية – صياغات
أو نماذج لخمسة عقود هي: عقود للقطريين ولغير القطريين (محلي) ولغير القطريين
(خارجي) وعقد خاص، وعقد الفئة العمالية (للدرجتين 12، 13).
ولا ندري ما هو سند الأمانة العامة القانوني في وضعها لنموذج عقد توظيف للموظفين
القطريين ذلك أن قانون إدارة الموارد البشرية لم يوجب وليس من بين نصوصه ما يوجب
ذلك لسبب بسيط وهو أن العلاقة بين الموظف القطري والجهة الحكومية ليست علاقة عقدية
بل هي علاقة تنظيمية لائحية يحكمها قانون إدارة الموارد البشرية واللوائح والقرارات
الصادرة بهذا الشأن.
وقد حصر قانون إدارة الموارد البشرية أسلوب التعاقد مع الموظفين في عدة حالات هي:
أ التعاقد مع الموظف غير القطري إذ نصت المادة 11 على أنه وفي جميع الأحوال يكون
تعيين الموظفين غير القطريين بموجب عقود توظيف ، وفقاً للنماذج التي تعدها الوحدة
الإدارية المختصة بالموارد البشرية للدولة بالأمانه العامة لمجلس الوزراء ( 112).
ب التعاقد مع ذوي الخبرة والكفاءة أو التخصصات النادرة استثناء من جدولي الدرجات
والرواتب المرفقين بالقانون بموافقة رئيس مجلس الوزراء.
جـ التعاقد مع الموظفين بعقد مؤقت براتب مقطوع لمدة لا تجاوز ستة أشهر قابلة
للتجديد لمدة أخرى مماثلة.
تلك هي الحالات التي أوجب فيها قانون الموارد البشرية إبرام عقود توظيف مع من يلتحق
بالوظيفة الحكومية.
ولا يوجد نص أو حكم في القانون يعطي الأمانة العامة أو لأي جهة حكومية أن تلزم
الموظف القطري بالتوقيع على عقد توظيف كما يشاع في هذه الأيام.
وفي اعتقادي الخاص أن المشرع القطري يناقض نفسه – وهو أمر ننزه المشرع عنه – لو أنه
استوجب على كافة الموظفين القطريين توقيع عقود توظيف مع الجهات الحكومية، لأن ذلك
معناه ومؤداه تعطيل لكافة نصوص قانون إدارة الموارد البشرية وسيكون الاحتكام إلى
بنود عقد التوظيف في حالة معرفة حقوق وإلتزامات الموظف القطري وواجبات الوظيفة
العامة. والتساؤل الذي يفرض نفسه هنا أنه إذا كان عقد التوظيف هو الذي يحتكم إليه،
إذاً ما هي الحكمة من ان يضمن المشرع قانون إدارة الموارد البشرية ما يزيد على 175
مادة قانونية اشتملت على جميع الإجراءات والقواعد والأحكام التي تنظم الوظيفة
العامة بحسب أن نصوص هذا القانون هي التي تشكل شروط الوظيفة العامة، وهي التي يجب
أن تحترم وهي التي تحقق مبدأ المساواة بين جميع الموظفين وهي التي تحفظ للموظف
القطري حقوقه وتبين التزاماته وهي التي تؤمن للموظف القطري حاضره ومستقبله وتوفر له
الطمأنينة والاستمرارية في الوظيفة وتجعله آمناً عند قيامه بأعباء الوظيفة العامة
وفقاً لقواعد عامة مجردة ومنضبطة، وهو يدرك مسبقاً قواعد ترقيته ومكافأته وأقدميته
وعلاواته وبدلاته ومزاياه الوظيفية الأخرى ونقله وندبه وإعارته وإجازته، وبالأخص
واجباته الوظيفية ومساءلته تأديبياً في حالة إخلاله بواجباته الوظيفية، والضمانات
التي أعطيت للموظف عند محاكمته تأديبياً بحيث لا يجوز توقيع أي جزاء تأديبي على
الموظف إلا بعد التحقيق معه كتابة وسماع أقواله وتحقيق أوجه دفاعه ويجب أن يكون
القرار الصادر بتوقيع الجزاء مسبباً.
إذن في إعتقادي الخاص – أنه من المستحيل مع وجود جميع تلك القواعد والأحكام
والضمانات في قانون الموارد البشرية أن يشترط المشرع القطري أو يلزم أيضاً بإبرام
عقود توظيف مع الموظفين القطريين وأن يتضمن هذا العقد بنداً يجيز لكل من الجهة
الحكومية والموظف إنهاء العقد في أي وقت بغير إبداء أسباب، أو عدم تجديد العقد
بإخطار برغبته في إنهاء عقده قبل ستين يوماً على الأقل لأن مؤدى تسويغ هذا الإجراء
(إبرام عقد توظيف) مصادرة جميع تلك القواعد والضمانات التي جاء بها قانون الموارد
البشرية لا سيما تلك المقررة في الفصل العاشر من القانون بشأن مساءلة الموظف
تأديبياً إذ أنه يكفي الإدارة بالجهة الحكومية أن تزعم بأن الموظف ارتكب مخالفة
إدارية عندها تقوم بإنهاء عقده الوظيفي دون أن تكون ملزمة بضرورة اتخاذ إجراءات
التأديب المنصوص عليها في القانون لإثبات تلك المخالفة مما سيؤثر ذلك سلباً على
الوظيفة العامة بشكل عام من عدم معرفة الحقيقة وكذلك استحقاق الموظف للعقوبة
التأديبية من عدمه ومن غير المستبعد أن يستخدم أسلوب إنهاء العقد لحماية بعض
الموظفين المتورطين في مخالفات إدارية من إجراءات التأديب والاكتفاء بإنهاء عقودهم
الوظيفية لإخفاء الحقيقة.
> ماذا يحدث لو أصرت الجهة المختصة على تطبيق نظام العقود في تعيين الموظف القطري؟
الوضع القانوني الصحيح هو أن يكون تعيين الموظف القطري بقرار يصدر عن الجهة المختصة
ويحدد فيه الدرجة الوظيفية وبعد ذلك تتولى نصوص قانون إدارة الموارد البشرية تحديد
مركزه القانوني من كافة النواحي من رواتب وعلاوات وبدلات ومزايا وظيفية أخرى وتقييم
أداء وترقية ونقل وندب وإعارة وإجازات وواجبات وظيفية وأعمال محظورة ومكافأة نهاية
الخدمة، ومعلوم ان جميع تلك الأمور تولي القانون تحديدها وتقريرها وهي حق لجميع
الموظفين القطريين وتطبق عليهم جميعاً على قدم المساواة في الدرجة الوظيفية الواحدة
وهو ما يغني تماماً عن عقود توظيف والتي في رأينا الخاص لن تضيف جديداً إلا المزيد
من المنازعات والسلبيات والغموض والقلق الذي سوف ينعكس سلباً على الوظيفة العامة.
وفي حالة إصرار الأمانة العامة لمجلس الوزراء بأن عقود التوظيف للموظفين القطريين
ملزمة لجميع الجهات الحكومية ولجميع الموظفين القطريين فإنه من المتعين مراجعة بنود
عقود توظيف الموظفين القطريين وعدم تضمينها بنوداً تخالف ما أورده قانون إدارة
الموارد البشرية من قواعد وضمانات لا سيما تلك المتعلقة بإعطاء أحد الطرفين الحق في
إنهاء العقد بحسب أن هذا البند فيه مخالفة فاضحة وصريحة للقانون وفقاً لما أشرنا
إليه سلفاً، الأمر الذي يكون معه هذا البند هدفاً للدفع عليه بالبطلان واعتباره كأن
لم يكن.
ولو سلمنا جدلاً بسلامة ما تذهب إليه الأمانه العامة فإنه ينبغي في كل الأحوال
مراعاة أن يأتي العقد متفقاً مع أحكام قانون إدارة الموارد البشرية في جميع بنوده
حتى لا يوصم العقد بأنه وسيلة تهدف الجهة الحكومية منه للتخلص من الموظفين القطريين
دون سبب مشروع بما يزعزع الثقة في الوظيفة العامة، ويخلق جواً من عدم الإستقرار
والأمن الوظيفي بشكل عام.
> المعنى الواضح من سياق كلامك أن قيام الإدارات بتوقيع عقود توظيف مع الموظفين
القطريين هو إجراء غير قانوني؟
على ضوء الحقائق الدستورية والقانونية والواقعية التي عرضت لها أقرر باطمئنان تام
أن إلزام الموظفين القطريين بالتوقيع على عقود توظيف في غير الحالات القانونية التي
عرضنا لها – هو إجراء لم يأت به قانون إدارة الموارد البشرية وهو إجراء لا يتفق على
الإطلاق مع جوهر وأساس الوظيفة العامة في دولة قطر للأسباب التي عرضت لها ، بل إنني
لا أتردد في القول بأنه إجراء غير دستوري لأنه يلغي ويعطل الكثير من القواعد
القانونية المستقرة ويتناقض مع المبادئ القانونية المستقرة التي عرضنا لها، ويفتح
هذا الإجراء الباب واسعاً أمام المحسوبية والتحيز والمحاباة، وصدقت الكاتبة
المرموقة مريم آل سعد بأنه في حال تطبيق بنود عقد التوظيف المقترح فستكون هناك "لا
كرامة ولا وظائف ولا راتب ولا مال" وسيكون الموظفون معرضين للشتات وتحت رحمة غيرهم
وليس القانون.
رصد
أصداء قانون الموارد البشرية
بعد
صدور قانون الموارد البشرية الجديد
العمل
بقانون الموارد البشرية الجديد أوائل أبريل
وزير
العدل: قانون الموارد البشرية منصف للجميع