قطر - جريدة الوطن
-الثلاثاء 19 شوال 1431 الموافق 28 سبتمبر 2010
د. درويش يؤكد على
أن جامعة قطر تلتزم بتدريس أخلاقيات العلم
الدوحة - الوطن
نظمت كلية الطب بالجامعة الأميركية ببيروت بالاشتراك مع مكتب اليونسكو بالقاهرة
يومي 17، 18 سبتمبر 2010 ندوة إقليمية عقدت ببيروت حول تدريس مقررات أخلاقيات الطب
في الجامعات العربية وبمشاركة أساتذة من مختلف جامعات الدول العربية بالإضافة إلى
علمين بارزين من أعلام أخلاقيات البيولوجيا بجامعة انديانا بالولايات المتحدة
الأميركية.
وشارك من جامعة قطر د.بهاء درويش الأستاذ المشارك ببرنامج الفلسفة بكلية الآداب
والعلوم، حيث قدم ورقة بحثية حول تدريس أخلاقيات الطب في جامعة قطر، وأكد في طرحه
على أن جامعة قطر تواكب الاتجاه العالمي الملتزم بتدريس مقررات الأخلاقيات في
الكليات المختلفة. أوضح د.بهاء درويش في ورقته: أنه رغم عدم وجود كلية للطب في
جامعة قطر وبالتالي عدم وجود مقرر مستقل لأخلاقيات الطب، إلا أن برنامج الفلسفة قد
أدرج منذ خريف 2006 بعض الموضوعات الهامة المتعلقة بأخلاقيات الطب ضمن مقرر «مدخل
إلى الفلسفة» الذي يتم طرحه كمقرر كلية لطلاب كلية الإدارة والاقتصاد موضحا أسباب
إدراج هذه الموضوعات والتي تتلخص في عدة أسباب: أولا-إن حدود العلاقة بين الطبيب
والمريض – وهو الموضوع الذي يعد الموضوع الأساسي لمقرر أخلاقيات الطب- من الأهمية
بمكان، بحيث تتجاوز أهميته حدود معرفة الطبيب بواجباته نحو المرضى، إلى أهمية معرفة
المرضى أيضا بحقوقهم، وخاصة في منطقتنا العربية، من هنا كانت معرفة هذه الحقوق
تتجاوز حدود تدريسها لطلاب كلية الطب وحدهم، إلى تدريسها لسائر الطلاب من حيث أن
كلا منا لا يعدو أن يكون إلا طبيبا أو مريضا.
ثانيا: يطرح مقرر أخلاقيات الطب موضوعات هامة أخرى مثل مدى القبول الأخلاقي للحصول
على أطفال من خلال التخصيب خارج الرحم، وهي التقنية المعروفة لدى العامة بتقنية
الحصول على أطفال الأنابيب، ومدى القبول الأخلاقي للعلاج عن طريق استخدام الخلايا
الجذعية، والموقف الأخلاقي من الإجهاض وكيفية التوزيع العادل للخدمات العلاجية.
هذه الموضوعات أصبحت من الموضوعات الهامة التي يناقشها العامة حتى في مجالسهم
العادية، من هنا كان التعرف على الموقف الأخلاقي منها يتجاوز مجرد تدريسها لطلاب
كلية الطب. ثالثا: يهدف مقرر أخلاقيات الطب إلى تعرف الدارس له على مجموعة من
المبادئ الأخلاقية، مثل ضرورة احترام المريض وأهله، و حفظ أسراره الخاصة، وضرورة
استئذانه وأخذ موافقته- كتابة- قبل العلاج و العدل في توزيع الخدمات الطبية، ولكن
إذا كانت هذه المبادئ الأخلاقية مهمة للطبيب لضرورة اتباعه لها في ممارسة الطب، فإن
نشر الوعي بأهميتها يتجاوز أيضا حدود معرفة الطبيب لها سعيا لأهمية اتباع الناس لها
في حياتهم العادية.
رابعا: كان مبحث الأخلاق منذ سقراط وأفلاطون ولايزال مبحثا رئيسيا من مباحث
الفلسفة، من هنا كان تدريس مقرر في مبادئ الفلسفة يستوجب إدراج مبحث الأخلاق ضمن
موضوعاته، ومن ثم إدراج « أخلاقيات الطب» التي تعد إحدى الفروع الأساسية الهامة
لمبحث الأخلاق.
ثم تطرق د. بهاء إلى عرض موضوعات أخلاقيات الطب التي يتم تدريسها ضمن مقرر «مدخل
إلى الفلسفة» ومن أبرزها النظريات الفلسفية الثلاث: «مذهب المنفعة»، «أخلاقيات
الواجب»، « أخلاقيات الفضيلة»، موضحا أهمية تعريف الطلاب بهذه النظريات التي تمثل
إطارات مرجعية عقلية، يمكن الاعتماد عليها في إصدار أحكام أخلاقية بِشأن موضوعات
أخلاقيات الطب، وذلك بدلا من اعتماد المرء على الحدس الذي غالبا ما يكون لحظيا غير
موضوعي، ولا يمكن الاعتماد عليه بشكل ثابت دائم، أو على التقليد الأعمى في إصدار
أحكام قد لا تكون صحيحة نتيجة اعتمادها دون تفكير، أو نقلها من سياق إلى سياق آخر
لا يناسبها.
وأكد د. بهاء على أن تدريس الأخلاقيات يستلزم معرفة مسبقة بمهارات التفكير الناقد
التي تعين الطلاب على تقديم حلول منطقية مقبولة للمشكلات الأخلاقية، وهذا في حد
ذاته يتفق مع دعوة الإسلام إلى ضرورة استخدام العقل.
فلما كان القرآن في كثير من الآيات يدعو الناس لاستخدام العقل، وكان العقل البشري
السليم لا يقبل أحكاما متناقضة، لم تكن الأحكام الأخلاقية التي ترتكن إلى مبررات
عقلية منطقية، والتي تشكل في مجموعها نسقا متسقا، سوى استجابة لمطلب الإسلام في
ضرورة أن يحيا الإنسان حياة أخلاقية تقوم على مبادئ متسقة يقبلها العقل السليم.