قطر- جريدة
الشرق-
السبت 26 محرم 1432 الموافق 1 يناير 2011
بعد تحذيرات
ضاحي خلفان من تأثيراتها السلبية على هوية المجتمع..
خبراء:قطر وضعت استراتيجية مبكرة لمواجهة خلل
د. المهندي:السياسة السكانية تعالج
الظاهرة وفق خطة مدروسة
ـ د. أمينة الهيل:مكافحة ظاهرة العمالة السائبة.. تحد كثيرا من السلبيات
د. عبد الكريم: قطر تنبهت لأهمية الحفاظ على الهوية الثقافية
د. الكبيسي: ينبغي أن تسن تشريعات للتقليل من عدد الخدم في الأسرة الواحدة
الحكيم: ضرورة وجود ضوابط للتأشيرات السياحية وبيع تأشيرات العمل
حسام سليمان ومؤيد اسكيف:
أكد الدكتور حسن المهندي — نائب رئيس اللجنة الدائمة للسكان بالأمانة العامة
للتخطيط التنموي، أن قطر من أولى الدول الخليجية التي تنبهت لمخاطر الخلل في
التركيبة السكانية نتيجة زيادة أعداد العمالة الاجنبية.. وقال ان هذه المشكلة تمت
مناقشتها من خلال السياسة السكانية التي وافق مجلس الوزراء عليها في أبريل عام 2009
وبدأ تنفيذها فعليا في أكتوبر من نفس العام.. واضاف ان السياسة السكانية وضعت
مجموعة من المقترحات لمعالجة هذه المشكلة، إلا انه ينبغي الإشارة إلى ان معالجة هذا
الاختلال لا يمكن ان يتم بين عشية وضحاها، مشيرا إلى ان مشروعات التنمية التي
تنفذها دولة قطر في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليمية
تحتاج إلى مزيد من العمالة وهو الامر الذي يطيل فترة معالجة الخلل الحادث في
التركيبة السكانية.
وقال الدكتور المهندي لـ “تحقيقات الشرق“ لقد وضعت السياسة السكانية استراتيجية
طويلة المدى لمعالجة المشكلة من جذورها، مشيرا إلى أن هذه الاستراتيجية ترتكز على
مجموعة من المحاور الأساسية يأتي على رأسها إصلاح سوق العمل وتشجيع معدل النمو
الطبيعي للسكان من المواطنين القطريين.
وقال الدكتور المهندي ان الخلل الحادث في التركيبة السكانية بالمجتمع القطري يعتبر
من أهم المشاكل التي تسعى الكثير من الجهات المعنية بالدولة لمواجهتها، مشيرا إلى
أن تزايد أعداد العمالة الوافدة هو السبب الرئيسي لتزايد عدد الرجال مقارنة
بالنساء.
تأتي تصريحات الدكتور المهندي للرد على تحذيرات الفريق ضاحي خلفان تميم القائد
العام لشرطة دبي من عدم وجود استراتيجية خليجية لمواجهة مخاطر تزايد اعداد العمالة
الوافدة على هوية المجتمعات الخليجية، وتأكيداته على التأثير السلبي للعمالة
الأجنبية الوافدة وخطرها من الناحية الأمنية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
من جانبهم ارجع الخبراء هذا الخلل الكبير لظروف النهضة العمرانية والاقتصادية التي
تحياها قطر حاليا وحاجة البلاد الى استقدام آلاف العمالة سنويا للعمل في مشروعات
التنمية. ورغم ذلك انتقد بعض الخبراء الفوضى التي يعاني منها سوق العمل القطري
مطالبين، بضرورة تنظيم السوق وتشديد الرقابة على تجارة التأشيرات وترحيل كافة
العمالة التي ليس لها عمل..
مشكلة عدم التوازن في التركيبة السكانية تهدد بمشكلات اجتماعية لا حصر لها..
"تحقيقات الشرق" تفتح هذا الملف لاستعراض أسباب الخلل الحادث في تركيبة السكان في
قطر والمشكلات الاقتصادية والاجتماعية المترتبة عليها، والحلول التي يقترحها
الخبراء لتقليل الآثار السلبية الناجمة عن هذه المشكلة..
في البداية يؤكد الدكتور حسن المهندي — نائب رئيس اللجنة الدائمة للسكان بالأمانة
العامة للتخطيط التنموي، أن ما طرحه الفريق ضاحي خلفان في برنامج لكم القرار ليس
بجديد، مشيرا إلى أن قطر من أولى الدول الخليجية التي تنبهت لمخاطر هذه المشكلة
ووضعت استراتيجية لمواجهتها. وقال ان الخلل الحادث في التركيبة السكانية بالمجتمع
القطري يعتبر من أهم المشاكل التي تسعى الكثير من الجهات المعنية بالدولة
لمواجهتها، مشيرا إلى ان الوضع الطبيعي في اي مجتمع هو ان يكون عدد المواطنين أكثر
من عدد الوافدين بالاضافة الى ضرورة أن يتقارب عدد الذكور مع عدد الاناث. وقال ان
تزايد أعداد العمالة الوافدة هو السبب الرئيسي لتزايد عدد الرجال مقارنة بالنساء،
مشيرا إلى ان عدد الذكور حاليا يصل إلى أربعة أضعاف عدد الاناث.
تفصيل أكثر
ويشرح الدكتور حسن المهندي طبيعة المشكلة بتفصيل أكثر فيقول ان الخلل لم يقتصر على
التركيبة السكانية فقط بل تعداه إلى خلل في التركيبة النوعية والتركيبة العمرية،
حيث ان غالبية الرجال تقع في فئة الشباب وهي المرحلة العمرية التي تتمثل في
الاندفاع والطموح والنشاط، مشيرا الى ان هذه الفئة العمرية رغم أن لها العديد من
المميزات فيما يتعلق بقدرة الفرد على العمل والانتاج، إلا انها مرحلة في منتهى
الخطورة إذا لم توجه التوجيه السليم.
وقال رئيس اللجنة الدائمة للسكان ان هذه المشكلة تمت مناقشتها من خلال السياسة
السكانية التي وافق مجلس الوزراء عليها في أبريل عام 2009 وبدأ تنفيذها فعليا في
أكتوبر من نفس العام. واضاف ان السياسة السكانية وضعت مجموعة من المقترحات لمعالجة
هذه المشكلة. إلا انه ينبغي الإشارة إلى ان معالجة هذا الاختلال لا يمكن ان يتم بين
عشية وضحاها، مشيرا إلى ان مشروعات التنمية التي تنفذها دولة قطر في مختلف المجالات
الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليمية تحتاج إلى مزيد من العمالة وهو الامر
الذي يطيل من فترة معالجة الخلل الحادث في التركيبة السكانية.
وقال الدكتور المهندي: لقد وضعت السياسة السكانية استراتيجية طويلة المدى لمعالجة
المشكلة من جذورها، مشيرا إلى أن هذه الاستراتيجية ترتكز على مجموعة من المحاور
الأساسية ياتي على رأسها إصلاح سوق العمل وتشجيع معدل النمو الطبيعي للسكان من
المواطنين القطريين. واضاف ان الاستراتيجية طرحت بعض الافكار منها على سبيل المثال
انه لو كان هناك عمل يمكن ان يقوم به عاملان فالأولوية تعطى للعامل المتزوج الذي
يستطيع استقدام زوجته والقيام بنفس العمل الذي كان يتطلب استقدام عاملين اعزبين،
وبالتالي يمكن مع الوقت زيادة نسبة الاناث في المجتمع القطري. واختتم كلامه بالقول
ان هناك حزمة من الاجراءات وضعتها السياسة السكانية من شأنها أن تواجه مشكلة الخلل
في التركيبة السكانية من كافة جوانبها، إلا أن تنفيذها يحتاج إلى وقت طويل فضلا عن
ضرورة اتباع خطط وسياسات قصيرة ومتوسطة وطويلة الأمد.
تفاؤل كبير
وأكد الدكتور المهندي: نحن في اللجنة الدائمة للسكان متفائلين جدا بالخطوات
والاجراءات التي تم اتخاذها لمواجهة هذه المشكلة خاصة مع زيادة الاهتمام من قبل
جميع الوزارات والمؤسسات المعنية بهذا الموضوع، مشيرا إلى التقرير السنوي الاول حول
تنفيذ السياسة السكانية قد تمت مناقشته خلال منتصف الشهر الماضي في مجلس الوزراء.
وقال انه تم اتخاذ قرار بأن يوافي أصحاب السعادة الوزراء الأمانة العامة لمجلس
الوزراء بملاحظاتهم ورؤاهم حول التقرير، وهو الامر الذي يدل على الاهتمام الكبير
بهذه القضية من قبل أعلى المستويات في الدولة.
وقال اننا نقوم بمراجعة ما تم تحقيقه في السنة الماضية مع نحو 88 منسقا من مختلف
الوزارات والمؤسسات ذات الصلة بالسياسة السكانية في الدولة. واضاف: فقط علينا ان
نخطط ونعمل على تحقيق ما نصبو إليه من أهداف ولا نستعجل النتائج لاننا ببساطة
نتعامل مع قضايا بشرية وانسانية تحتاج إلى وقت.
ايجابيات وسلبيات
من جانبها تؤكد د. أمينة الهيل ناشطة اجتماعية وعضو في عدد من مؤسسات المجتمع
المدني- أن قطر مثلها مثل باقي دول مجلس التعاون الخليجي تعد من أكثر الدول جذبا
واستعانة بالقوى العاملة الوافدة. وقالت إن أهم العوامل التي دفعت قطر للاستعانة
بالعمالة الأجنبية زيادة معدلات النمو الاقتصادي بنسب كبيرة، ورغبة قطر في
الاستفادة منها في إقامة مشروعات وبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مشيرة الى
أن العمالة الوطنية اللازمة لا تكفي مطلقا لإنجاز مثل هذه المشروعات. وأكدت أن
المجتمع القطري توسع بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية، مشيرة الى ان مشروعات
التنمية التي تنفذها الدولة حاليا في كافة المجالات وراء استقدام آلاف العمالة
العازبة للعمل في هذه المشروعات، وهذا هو السبب الحقيقي والرئيسي للخل الحادث حاليا
في التركيبة السكانية بالمجتمع القطري. وقالت ان الإحصائيات الخاصة بتضاعف اعداد
الرجال مقارنة بأعداد السيدات في المجتمع القطري هي امر طبيعي في أي دولة دخلت في
مرحلة من النمو الاقتصادي والتطور عمراني بشكل غير مسبوق، مشيرة الى ان معظم
العمالة التي تحتاج إليها شركات المقاولات التي تقوم ببناء النهضة العمرانية
الحالية كلها من الرجال.
وأكدت الدكتورة أمينة الهيل ان معظم العمالة العازبة عبارة عن عمال وليسوا موظفين،
وبالتالي لن يستطيعوا استقدام عائلتهم لان رواتبهم بطبيعة الحال لا تكفي لدفع ايجار
حجرة واحدة وليس شقة متكاملة.
وتؤكد أن تضاعف عدد الرجال مقارنة بعدد النساء أمر طبيعي ليس في قطر وحدها ولكن في
جميع الدول الجاذبة للأيدي العاملة التي لديها مشروع تنموي كالذي تعيشه قطر حاليا.
وأضافت أن هذه الدول عادة ما تكون في حاجة ماسة إلى استقدام الأيدي العاملة بكثافة
عالية للعمل في مشروعات التنمية التي تقوم الحكومات بتنفيذها. وتؤكد أن قطر تعيش
منذ عدة سنوات مرحلة نهضة اقتصادية وعمرانية شاملة كما أن الدولة تسابق الزمن
لتحقيق معدلات قياسية من التنمية المستدامة، مشيرة إلى ان عدد المواطنين لا يتجاوز
الثلاثمائة ألف نسمة، وبالطبع فهذا العدد لا يكفي للقيام بهذه المهمة وكان الحل في
استقدام العمالة.
شركات وهمية
وتؤكد الدكتورة أمينة الهيل أن العمالة الوافدة لها إيجابياتها وسلبياتها فيكفي
انها تتولى بناء قطر الحديثة والقيام بتنفيذ كافة مشروعات التنمية. وحول الآثار
السلبية للظاهرة تقول من اكثر سلبيات خلل التركيبة السكانية هو ما يعرف بظاهرة
العمالة السائبة التي لا عمل لها هذا بالإضافة الى ظاهرة سكن العزاب. وقالت ان
الدولة اتخذت مجموعة من القرارات الصارمة مؤخرا لمنع وجود العمالة العازبة في
التجمعات السكنية لعوائل المواطنين والمقيمين، مشيرة إلى ان الدولة بدأت في انشاء
مناطق ومدن متكاملة لسكن العمال بعيدة تماما عن المناطق المأهولة بالعائلات.
وتضع الدكتورة الهيل مجموعة من المطالب للتخفيف من حدة الآثار السلبية لهذه الظاهرة
فتقول: لابد من إلزام الشركات بتسفير العمالة بعد انتهاء الاعمال التي جلبت من
أجلها. وتطالب بضرورة تعاون وزارة العمل ووزارة الداخلية وكافة الجهات ذات الصلة
لمكافحة ظاهرة العمالة السائبة لكونها أكثر خطورة على سلامة المجتمع وأمنه. وتطالب
بضرورة تشديد الرقابة الصارمة على الشركات الوهمية التي يتلخص دورها في المتاجرة
بالتأشيرات.. مشيرة الى ان هذه الشركات تقوم بجلب عشرات العمال سنويا مقابل الحصول
على مبالغ ضخمة ثمنا لتأشيرة الدخول، ثم بعد ذلك تطلق العامل في الشارع يعمل في أية
اعمال هامشية مقابل الحصول منه على "اتاوة" شهرية وفي حالة تأخره في دفع الاتاوة
تهدده بالترحيل من البلاد، مشيرة إلى أن مراقبة هذه الشركات سيكون له اكبر الأثر في
الحد من هذه الظاهرة.
منطقة جاذبة
من جانبه يتحدث الدكتور عبد الكريم الأمير حسن استاذ علم الاجتماع في جامعة قطر عن
مخاطر هذه العمالة ويقول:
بعد الطفرة النفطية واكتشاف النفط في اربعينيات القرن الماضي بدأت تتوافد العمالة
الأجنبية الآسيوية إلى البلاد وذلك لرخص أجورها وقلة تكاليفها مقارنة بالجنسيات
الأخرى، ومع تسارع وتيرة عمليات البناء وخطط التنمية باتت دول الخليج منطقة جذب
لهذه اليدي العاملة، ومع أن هذه العمالة بأعدادها الكبيرة لها مخاطر عدة، إلا أنها
في نفس الوقت جزء هام من عملية التنمية في دول الخليج، ولولا هذه العمالة لما تمكنت
دول الخليج من تطوير بنيتها التحتية. أما عن المخاطر فهناك اربعة مخاطر رئيسية هي
على النحو الآتي: مخاطر أمنية ومخاطر اجتماعية ومخاطر ثقافية ومخاطر اقتصادية
وسياسية. والخطر السكاني الذي يؤدي إلى إحداث الخلل في التركيبة السكانية له تأثير
على النواحي الاجتماعية. ويتجلى هذا الخلل في التركيبة السكانية بزيادة عدد الذكور
في المجتمع بشكل غير مقبول وأحيانا يتضاعف عدد الذكور أكثر من ثلاث مرات عن عدد
الاناث في الوضع الطبيعي، مع تركز العمالة في المدن الرئيسية لبلدان الخليج. مع
العلم أن مراكز العمل في مناطق مختلفة خارج المدن وهذا ما شكل الخلل في التركيبة
السكانية لهذه المدن. والعمالة العازبة في بلدان الخليج تساهم في خلق مشكلات أمنية
واجتماعية وثقافية. وفيما يتعلق بموضوع العمالة في قطر فقد تم إشهار السياسة
السكانية التي أطلقتها الأمانة العامة للتخطيط التنموي والمتوافقة مع رؤية قطر
الاستراتيجية لعام 2030 اضافة إلى الاستراتيجية التي وضعتها اللجنة الدائمة للسكان
في اكتوبر من عام 2010 وتمت مناقشة الاستراتيجية السكانية لإيجاد الحلول لهذه
المشكلات والتنبؤ بها وهذا ما جعل قطر سباقة في هذا الإطار، فتمت مناقشة
الاستراتيجية السكانية وتم تصنيف الحلول إلى حلول قريبة وأخرى بعيدة.. والحلول
القريبة هي في التأكيد على دور مؤسسات المجتمع المختلفة ومنها الأسرة حيث بإمكان
الأسرة أن تساعد في خفض عدد العمالة المنزلية. ومن خلال الاحصائيات يتضح أن هناك
عدد ضخم من العمالة المنزلية وبالتالي فإن الاسرة بإمكانها تقليل الاعتماد على هذه
العمالة مما يؤدي إلى خفضها.. ويمكن لوزارة العمل أن تقوم بضبط عملية الاستقدام
للعمال بشكل غير قانوني ايضا، وذلك بإحكام الرقابة على الشركات المخالفة ومخالفتها.
كما يمكن للعديد من الشركات أن تقلل من الاعتماد على الأيدي العاملة من خلال
الاعتماد على استخدام التكنولوجيا وهذا ما يؤدي إلى اختصار حجم اليد العاملة. ومثال
على ذلك مغاسل السيارات التي تتبع الطريقة اليدوية والتي يعمل فيها العديد من
العمال بينما يمكن استخدام مغاسل السيارات الحديثة. وذات الأمر بالنسبة لمحطات
الوقود حيث يمكن الاعتماد على محطات الوقود بتكريس الخدمة الذاتية مع وجود نظام
للدفع الآلي. وقد يعتقد البعض أن مثل هذا الأمر لن يؤدي إلى اختصار أعداد كبيرة من
العمالة إلا أنه في الواقع قد يصل الرقم إلى آلاف وهذا ليس بقليل.
عمالة أسرية
ويضيف الدكتور عبد الكريم: كما أن أحد هذه الحلول هو الاعتماد على العمالة الاسرية
مثل الطبيب وزوجته الطبيبة والمدرس وزوجته المدرسة أو العاملة في قطاع ما والسائق
وزوجته الخادمة اي بمعنى العامل وزوجته العاملة.. وهذا فضلا عن كونه حلا لتخفيض
العمالة العازبة فإن يؤدي إلى خفض حجم العمالة عموما بالاعتماد على هذا النوع من
العمالة الاسرية. فهذا يدعو إلى التوفير في السكان وسكن العزاب خصوصا حيث تنشأ عن
هذه المساكن التي تحتوي على أعداد كبيرة منهم العديد من المشكلات مما يفرز العديد
من السلبيات. كما أن تجمع هؤلاء العمال في الاسواق في ايام العطل يفرز العديد من
المشكلات أيضا.
ويضيف الدكتور عبد الكريم: أما عن المشكلات الاجتماعية فإن للعمالة المنزلية أثرا
سلبيا على التنشئة وهو ما يحدث تفككا اسريا حقيقيا. فالاعتماد على الخادمة في تدبير
شؤون المنزل وأمور الطفل والابناء يفقد الأدوار الرئيسية لرب الأسرة وللأم. فالطفل
يتعلق بالخادمة أكثر مما يتعلق بوالديه هذا فضلا عن أن وجود الخادمات في المنزل
عموما يشبه القنبلة الموقوتة وله العديد من المشاكل أهمها العلاقات التني تنشأ مع
الخادمة، وهناك العديد من مثل هذه الحالات، وهذا مما يساهم أيضا في زيادة نسبة
الطلاق في المجتمع الخليجي بشكل عام.
أما المسألة الأمنية فإن تجمعات العزاب تشكل خطرا على الافراد والمجتمع مثل انتشار
السويكة في المجتمع القطري، فهذه العمالة تأتي من دول مختلفة العادات والتنشئة مما
يفرز العديد من المشكلات التي لها علاقة بالتلصص على البيوت أو مساعدة الخدم على
الهروب والتحرش الجنسي بالأطفال.. وسابقا لم يكن هناك خوف من خروج الاطفال للعب
خارج البيت لكن الآن هناك خشية حقيقية من هذا الأمر، كما أن صناعة الخمور إحدى
المشكلات في بعض الدول الخليجية.
كما يتحدث الدكتور عبد الكريم عن المخاطر الثقافية الناتجة عن تواجد هذه العمالة
بأعداد كبيرة فيقول: إن تعدد الثقافات التي يأتي منها هؤلاء العمال مع تعدد بيئاتهم
يؤثر سلبا على ثقافة المجتمعات الخليجية وقد نلمس ذلك من خلال اللغة، حيث توجد
الكثير من الكلمات الاسيوية المنتشرة في المجتمع والتي يتم تداولها لا سيما بين
الأطفال على اعتبار أن احتكاكم الأكبر يكون مع الخدم.. فالخوف الحقيقي هو فقدان
الهوية الثقافية وتأثير هذه الهويات على الخريطة الثقافية المحلية. وقد يعتقد البعض
أن التغير شيء طبيعي، لكننا هنا لا نطلق أحكاما قيمية على ثقافات الآخرين إلا ِاننا
نريد حماية هوية المجتمع، لأن الهوية الثقافية هي التي تؤكد الخصوصية وتحمي الإرث
الثقافي التاريخي لتحديد معالم الشخصية.. وأرى أن دولة قطر تقوم بدور كبير في
المحافظة على التراث. ومن أهم بنود استراتيجية قطر لعام 2030 المحافظة على التراث،
ويمكن لنا تلمس معالم تحقيق هذه الاستراتيجية الخاصة بحماية الهوية الثقافية
والتراث عن طريق الاحتفالات الثقافية والمهرجانات وغيرها، مثل سوق واقف وغير ذلك
وهذه خطوات هامة جدا في سبيل تحقيق هذه الرؤية.
العمالة العربية
أما عن الأخطار الاقتصادية السياسية فيقول الدكتور عبد الكريم: إن العامل الاقتصادي
له جانبان الأول إيجابي والآخر سلبي، فالجانب الايجابي لوجود هذا الكم من العمالة
هو المساهمة في عملية التنمية مساهمة كبيرة .وتبرز السلبيات في التحويلات المالية
الضخمة التي تحدث من دول الخليج إلى بلدان العمال. فالاحصائيات تتحدث عما يقارب
سبعين مليار دولار تحول شهريا من بلدان الخليج، وهذا ما يؤثر بشكل أو آخر على
الاقتصاد فضلا عن تمركز رؤوس الأموال بيد جزء من هذه العمالة على اعتبار أن هناك
كبار موظفين وخبراء من هذه العمالة وليست كلها بأجور متدنية، أما من الناحية
الأمنية فقد تتدخل لجان حقوق الإنسان وبعض القوى الدولية من أجل منح هذه العمالة
جنسيات بلدان الخليج، وبالتالي قد لا نستغرب أنه في الإمارات مثلا أو اي دولة أخرى
نسمع عن وزير آسيوي، في الوقت الذي يمكن أن نعتبر فيه مجرد مطالبة هذه الجنسيات
بالتملك مشكلة كبيرة، فنحن أمام أعداد كبيرة من العمالة ونخشى فعلا أن يصبح المواطن
الخليجي هو من يطالب بحقوقه فيما بعد، ولهذا لا بد من التنبه إلى مخاطر هذه العمالة
وأعدادها الضخمة، وهذا ما يدعو للانتباه للعمالة السائبة ايضا وضرورة حل هذا الأمر
ومعالجته.. فهناك الكثير من المشكلات الأمنية التي قد تنشأ عن هذا الواقع وعملية
التساهل تؤدي إلى تفشي هذه الظاهرة.
أما عن إمكانية الاعتماد على العمالة العربية يقول الدكتور عبد الكريم: إن هذا
الأمر شيء جيد، لكن للاسف فإن العمالة العربية لا تحقق المطلوب بالنسبة لعملية
التنمية في المجتمع الخليجي. ومثال على ذلك أنه من الصعب وجود خادمة عربية ففي قطر
لا يوجد سوى إحدى عشرة خادمة عربية ومن الصعب أن يأتي عامل عربي للعمل في بلدان
الخليج ويتقاضى نفس الأجر الذي يتقاضاه العامل الآسيوي. واذا رفعنا الأجور يمكن أن
نحقق المعادلة ويصبح بالامكان استقدام عمالة عربية فهي لا تشكل الخطر الذي تشكله
العمالة الاسيوية.
الاعتماد على الخدم
من جانبها تقول الدكتورة فاطمة الكبيسي -استاذ مساعد علم الاجتماع بقسم العلوم
الاجتماعية في جامعة قطر- ان الجاليات تشكل خطرا على الهوية عندما يتم الاتكال على
العمالة المنزلية من خدم ومربيات في تنشئة الابناء حيث ان هذه العمالة من الجاليات
المختلفة تاتي من ثقافات مختلفة ومتعددة من لغة ودين وعادات وتقاليد مختلفة عن
ثقافة المجتمع الخليجي ويخشى ان تقوم الخادمات بنقل ثقافتهن للاجيال الجديدة نظرا
لاعتماد الاسرة عليهن في عملية التنشئة الاجتماعية، لذا ينبغي مراقبة العمالة
المنزلية وألا تترك الام عملية رعاية الطفل وتنشئته الى العمالة المنزلية.
وهناك مخاطر من التاثر بلغة ودين الخادمة، فقد اوضحت بعض الدراسات التي تناولت
العمالة المنزلية تأثر الابناء بلغة الخادمة وارتباطهم بها.
وللحد من الاعتماد على العمالة عموما والآسيوية خصوصا لا بد من آليات تطبق حاليا
مثل الحد من استقدام عمالة من جنسية معينة عند زيادة عددهم، كذلك ينبغي ان تسن
تشريعات للتقليل من عدد الخدم للاسرة الواحدة.
وفي سؤال لها عن إمكانية الاستغناء عن العمالة الآسيوية لا سيما المنزلية تقول
الدكتورة فاطمة: لا تستطيع الاسرة الخليجية الاستغناء عن العمالة المنزلية فقد
اصبحت المرأة موظفة وبحاجة لمن يساعدها في الاعمال المنزلية، الا انه من الضروري ان
تكون هناك رقابة من قبل الاسرة على العمالة المنزلية وعدم الاعتماد الكلي عليهم في
التنشئة الاجتماعية..
أما عن مواجهة التحديات فتقول الدكتورة فاطمة: هناك فعلا عده آليات لمواجهة
التحديات التي تنتج عن وجود العمالة الوافدة كالقوانين، فقد تم التشريع لمعالجة سكن
العزاب مثلا، كما ان هناك اهتماما كبيرا على مستوى المجتمع لاحياء التراث والثقافة
الاصيلة في المجتمع القطري، من خلال الانشطة والفعاليات لتعزيز الهوية الثقافية،
كما انشئت عدة جهات غايتها الحفاظ على الثقافة والتراث.
ومن اهم الاستراتيجيات التي تمت في هذا الإطار الاستراتيجية السكانية التي تسعى
لمواجهة التحديات التي تواجه البنية السكانية في المجتمع القطري.. فقد قامت هذه
السياسة على اسس علمية منطلقة من قراءة الواقع الفعلي للمجتمع، كما ان الاستراتيجية
العامة للاسرة في دولة قطر التي تم تدشينها مؤخرا من غاياتها ترسيخ القيم الثقافية
للأسرة وحمايتها من الآثار الضاره للثقافات الاخرى
قانون
رقم (14) لسنة 1992 بشأن تنظيم استقدام عمال من الخارج لحساب الغير
قانون
رقم (23) لسنة 1994 بنظام الصلح في الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم (14) لسنة
1992 بشأن تنظيم استقدام عمال من الخارج لحساب الغير
مرسوم
رقم (33) لسنة 1988 بالموافقة على انضمام دولة قطر إلى اتفاقية بطاقة التأمين
الموحدة عن سير السيارات عبر البلاد العربية
قرار
وزير العمل والشؤون الاجتماعية والإسكان رقم (3) لسنة 1993 بتنظيم إجراءات استخراج
ترخيص استقدام عمال من الخارج لحساب الغير
وزارة
العمل والشؤون الاجتماعية :شروط استقدام العمالة
اللجنة
الدائمة للسكان تقترح حلولاً عملية لمعالجة العمالة السائبة
إعادة
توقيت الإشارات الضوئية يحل مشكلة الاختناقات المرورية
توجيهات أميرية سامية بفتح سوق العمل القطرى أمام العمالة العربية