قطر - جريدة الراية-
السبت 19 جمادى الأول 1432 الموافق
23 ابريل 2011
القروض الإنتاجية منعطف إجباري للبنوك
في الوقت الذي بدأ فيه
اليأس يدب إلى نفوس الغارمين نجد أن المصرف المركزي قد نهض بواجبه الوطني خدمة
لأبناء الوطن فألزم البنوك بتقديم معاملة أخلاقية للعميل وألا ينظر إلى العميل بعد
اليوم على أنه مشروع إفلاس، ورغم أن هذه الخطوة كنا ننتظرها منذ وقت طويل فإن تأتي
متأخراً خيرٌ من ألا تأتي أبدا. فشكراً لمصرف قطر المركزي.
لقد بلغت ديون الأفراد مستوى لا يجب السكوت عنه أبداً فقد استطاعت البنوك بشقيها
الإسلامي والتقليدي أن تغري العملاء باقتراض ما قيمته 60 مليار ريال خلال السنوات
القليلة الماضية (كانت منذ عشر سنوات أقل من 5 مليارات ريال) وبشروط ونسب فوائد
وربحية يعجز كثير من العملاء عن فهمها وتصور آلية احتسابها، ولكن ماذا تعني الستين
مليار بالنسبة للاقتصاد؟
هل تعلم عزيزي القارئ أن القروض المقدمة للعقارات من أبراج ومجمعات وأسواق ومولات
وفنادق تقدر فقط بخمسين مليار ريال؟ أما القروض المقدمة للقطاعات الإنتاجية فهي أقل
بكثير فالتجارة مثلا 30 مليار ريال والخدمات 28 مليار ريال.. أما المقاولون فمبلغ
13 مليار كان كافيا لتمويل مشروعاتهم الضخمة، ومن ناحية الصناعة فهي أقل حظاً في
الحصول على تمويل والذي بلغ حتى فبراير الماضي فقط 6 مليارات ريال.. فهل نحن نستهلك
عشرة أضعاف ما نصنع؟
ومما يندى له الجبين أن البنوك الإسلامية قد نافست البنوك التقليدية في القروض
الاستهلاكية فقد استحوذت القروض الاستهلاكية على نسبة كبيرة من تمويلات البنوك
الإسلامية بالمقارنة بالبنوك التقليدية (%23 من التسهيلات الائتمانية المقدمة من
البنوك الإسلامية ذهبت للاستهلاك في مقابل %17 لدى البنوك التقليدية)، فحري بالبنوك
الإسلامية أن تتمسك بالأسس والمبادئ التي وجدت لأجلها.
وبهذا الصدد فقد أصدر مصرف قطر المركزي تعليمات جديدة بخصوص الائتمان الممنوح مقابل
الراتب وهو الموجه للأفراد والموظفين مواطنين ومقيمين حيث نصت هذه التعليمات على أن
لا تتجاوز الفائدة أو الربحية واحد ونصف فوق فائدة المصرف المركزي أي ما يعادل
حاليا %6.5 (كانت تتراوح من %9 إلى أكثر من 13%) وألا يتجاوز سقف إجمالي القرض
مليوني ريال والحد الأعلى للقسط ما نسبة %75 من مجموع الراتب الأساسي والعلاوة
الاجتماعية وبمدة لا تتجاوز ست سنوات، مع تقيدها إلى 400 ألف ريال كسقف لتمويل
المقيم ومدة أربع سنوات وبقسط لا يتجاوز %50 من إجمالي راتبه المحول إلى البنك، كما
تم تقييد المبلغ الممنوح لبطاقة الائتمان إلى ضعف الراتب فقط وبنسب فائدة لا تتجاوز
%1.
إن هذه التعليمات إذا نفذت بالطريقة الصحيحة فإنها وبلا شك ستدفع المجتمع نحو
التغيير من النمط الاستهلاكي إلى النمط الادخاري والإنتاجي فمسألة الحصول على أموال
سهلة ستختفي من مفهوم الأفراد وسيحل محلها مبدأ الادخار وأن الادخار سيعزز سياسة
الاستثمار طويل الأجل لدى الأفراد، وهذا له عدة إيجابيات أخرى مثل التحكم في نسب
التضخم المحلي والقضاء على سلوكيات استهلاك دخيلة على المجتمع.
أما من ناحية البنوك فإنها ستجد نفسها مجبرة على تطوير منتجات جديدة تخدم القطاعات
الإنتاجية وذلك بعد إغلاق السوق الاستهلاكي عليها إلا بالمعقول، حيث ظلت هذه
القطاعات الإنتاجية في غير دائرة اهتمام البنوك ولم تسعَ البنوك إلى دخولها إلا
بدعم من الدولة ممثلة في برنامج بنك قطر للتنمية «الضمين»، فمطلوب منها الآن العمل
بفاعلية أكثر في تنمية هذا القطاع خاصة قطاعات المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر
كمشروعات الأسر المنتجة بزيادة تفعيل التعاون مع دار الإنماء الاجتماعي مثلاً، كما
لدى البنوك فرصة للاستفادة من السلوك الادخاري المرتقب لدى الأفراد بطرح وتطوير
منتجات ادخارية تخدم كلا من البنك والعميل والاقتصاد ككل.
إننا ونحن نتحول من مجتمع استهلاكي إلى مجتمع ادخاري إنتاجي فإن ذلك يتوافق وكل من
الرؤية والاستراتيجية الوطنية ووصولنا لأهدافهما يلزم تبني مبدأ المسؤولية
الاجتماعية من قبل كل الأطراف المشاركة، أفرادا ومؤسسات حكومية وبنوكا، وأن يفهم كل
طرف دوره ويلتزم به من باب الحس الوطني وأخلاقيات المهنة، وإن تطور ورقي المجتمع
مسؤولية الجميع.
قانون
رقم (7) لسنة 1973م بإنشاء مؤسسة النقد القطري
قانون
رقم (36) لسنة 1995 بتنظيم أعمال الصرافة