قطر - جريدة الراية-
الأربعاء 28 ذو القعدة 1432 هـ. الموافق 26 أكتوبر 2011
د. يوسف عبيدان :
دائرة العنف ضد المرأة في اتساع يوماً بعد يوم
تشريعاتنا قاصرة في
إنصاف المرأة ووقف العنف ضدّها
العنف القائم على النوع انتهاك لقيم مجتمعاتنا الدينية والأخلاقية
حاجة لتشريعات رادعة لكل من يُمارس العنف ضدّ النساء والفتيات
الشيخة حصة بنت خليفة: إقصاء المرأة من الوظائف القيادية مشكلة خليجية
كتبت - منال عباس :
افتتح الدكتور يوسف عبيدان نائب رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أمس ورشة العمل
الإقليمية التي نظمتها اللجنة بالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون
اللاجئين.
ناقشت الورشة، التي تستمر يومين، قضية العنف القائم على النوع. وأكد د. عبيدان أن
العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي ظاهرة عالمية، مشيراً إلى أن المرأة في جميع
دول العالم بلا استثناء تتعرّض للعنف بكل أشكاله وأنواعه، فهو ظاهرة تجد جذورها في
الثقافة الذكورية التي تنظر للمرأة من منطلق عدم التوازن واللامساواة في السلطة بين
الجنسين.
وأعرب عن أسفه من قهر واضطهاد المرأة في جميع المجتمعات المتقدّمة والنامية على
حدٍّ سواء، مشيراً إلى أن الاختلاف يكمن في مدى الوعي والتوعية بتلك الظاهرة ببلد
ما، وما يتخذ بها من تدابير تشريعية وإجرائية ومؤسساتية لحماية النساء من العنف
وإعادة تأهيلهن للاندماج في الحياة من جديد. وأضاف : إذا تساءلنا عن حال المرأة في
عالمنا العربي، نجد في حقيقة الأمر أن المرأة ليست بأفضل حال من قريناتها في الدول
الأخرى، فدائرة العنف الممارس ضدها في اتساع يوما بعد يوم مع تنوع أشكاله، ابتداء
بالعنف النفسي وهو الذي يأخذ أشكالاً متعدّدة ومتنوّعة كالسب والصراخ والتهديد
والانتقاد المستمر والتحقير والحرمان من الخروج أو الأموال والإكراه على الزواج
والعنف الجسدي، فضلاً عن الضرب والإيذاء البدني والعنف الجنسي من تحرش واغتصاب
وسفاح الأقارب وإجبار الزوجة على المعاشرة الجنسية، وصولاً إلى العنف القانوني
المتمثل ببعض المواد القانونية التي تُعتبر المرأة ناقصة الأهلية وتمنعها وتحرمها
من بعض حقوقها كقوانين العقوبات والأحوال الشخصية والجنسية.
وقال: للأسف تشريعاتنا ما زالت قاصرة في كثير من الأحوال عن إنصاف المرأة ووقف
العنف الممارس ضدها.
وأضاف: إن العنف القائم على النوع يمثل انتهاكاً لقيم مجتمعاتنا الدينية والثقافية
والأخلاقية، وقد شهدت السنوات الماضية الكثير من الجهود المبذولة من أجل تعزيز
وتأمين حقوق المرأة، ووضع الأطر القانونية اللازمة وتغيير سلوكيات المجتمع، بيْد أن
كل مجتمع يُعاني من تبعات العنف ضد المرأة من حيث التكلفة الاقتصادية المتكبدة
لعلاج وإعادة تأهيل النساء اللاتي نجون من العنف وتوفير الرعاية النفسية والمعنوية
للمتضرّرين من الأطفال والأسر، إضافة الي الخسارة الناجمة عن عدم مساهمة المرأة في
العملية التنموية، وعلاج الآثار النفسية للأسر المصابة والمفككة، فالعنف ضد المرأة
يُؤثر على الأسرة التي هي النواة الأساسية لحياة المجتمعات وثقافاتها، ولذلك كانت
هناك حاجة مستمرة لتضافر الجهود الإقليمية والدولية.
وأكد د. عبيدان الحاجة لوقفة جادة، قائلاً : نحن بحاجة إلى تشريعات رادعة لكل من
يُمارس العنف ضد النساء والفتيات والأهم من ذلك نحن بحاجة لتحرير المجتمعات
والثقافات من إرث مغلوط يسوغ ويشرع ممارسة العنف ضدهن، فالعنف ليس فقط انتهاك لحقوق
الإنسان، بل أيضاً عامل مهم في منع إعمال حقوق النساء والفتيات في الأمن والسكن
الكافي والصحة والغذاء والتعليم والمشاركة حيث تجد ملايين النساء أنفسهن أسرى
لدوامات الفقر والعنف وهي دوامات تغذي وتديم بعضها بعضاً، فالعنف ضد النساء انتهاك
لحقوق الإنسان تتحمّل الدول المسؤولية عنه ولا بد من مواصلة المجموعات النسائية
ومنظمات حقوق الإنسان الإقليمية والدولية المطالبة بمساءلة الجهات الفاعلة الوطنية
والدولية على السواء عن هذه الانتهاكات.
وأعرب عن أمله في أن تكون هذه الورشة التي تضم نخبة متميّزة من كبار أهل الفكر
والرأي في ميدان حقوق الإنسان على المستوى الدولي والإقليمي، فضاءً رحباً وثرياً
بالأفكار والرؤى البنّاءة التي تهدف إلى تدارس الوضع الحالي لظاهرة "العنف القائم
على النوع" بالمنطقة للوقوف على أسباب هذا النوع من العنف، وسن التشريعات اللازمة
لحماية النساء منه، وخلق آليات جديدة وسياسات وهياكل كفيلة برعاية الضحايا
وتأهيليهن بما يُعيد لهن القدرة على الاندماج في الحياة من جديد.
وتحدّثت خلال الجلسة الافتتاحية للندوة سعادة الشيخة حصة بنت خليفة آل ثاني المقرّر
الخاص المعني بشؤون الإعاقة السابق موضحة أن قضية العنف تُعتبر من القضايا التي
يمكن القول إنها سهلة وصعبة في آن واحد، ويُمكن أن تكون سهلة من حيث الأدبيات
والكتابات والدراسات الكثيرة المطروحة، لاسيما في ظل الكم الهائل من الدراسات
والمعلومات المتخصّصة في العنف، لكنها صعبة عندما يجتمع متخصّصون ومهتمون ومدافعون
عن حقوق الإنسان، لمناقشة أهم الآليات والتصدّي لمثل هذه الظاهرة. وأضافت أن أشكال
العنف معروفة والتي تشمل الأسري بما في ذلك الزوج والزوجة والأطفال، ويمكن أن تكون
مباشرة للأطفال أو غير مباشرة من خلال التعرّض للأم، وفي الجانب الاجتماعي من خلال
النظرة الدونية للمرأة والتي تُؤثّر على صعيد صنع القرارات السياسية. وأشارت إلى
إقصاء المرأة في بعض الأحيان عن مراكز قيادية وظيفية، موضحة أن دول الخليج تُعاني
بصفة خاصة من هذه المشكلة، إضافة الى العنف غير المعترف به وغير المعلن عنه، حيث
التحرّش في أماكن العمل الذي يشمل اللفظي والنفسي والجسدي.
وأشارت إلى أنه على الرغم من أن في كثير من الأحيان تكون المرأة ضحية، إلا أنها
تبقى متهمة أيضاً. ونوّهت بجهود المنظمات الإقليمية والدولية للتصدّي للظاهرة على
المستويات المختلفة، ومن قبل مؤسسات الأمم المتحدة. وقالت: إن كثيراً من الاتفاقيات
والمواثيق تصدّت لهذه المشكلة من خلال برامج ومشاريع كثيرة، وضعت من قبل الدول على
مستوى عالمي خاصة من خلال ترجمة إتفاقية القضاء على أشكال التمييز ضد المرأة
(سيداو) وغيرها من الاستراتيجيات والخطط كثيرة.
وأكدت الشيخة حصة أهمية أن يطلع العالم على نتائج هذه الاستراتيجيات وتقيمها.
وقالت: إن في قطر عملاً جاداً على هذا الصعيد، وهناك تصدٍّ بشكل أفضل من خلال
الإطار الثقافي في هذا المجتمع.
وأعربت عن سعادتها بدخول المفوضية العليا للاجئين في هذا المجال. وقالت : بالطبع
هذا ليس بجديد عليهم، الا أن وجودها في هذا الميدان يُؤكّد دورها المهم في التوعية
التي تُعتبر من أصعب المهام أو من خلال الدفاع والتصدّي، خاصة أن ملف المفوضية
يُعتبر من أثقل الملفات في الأمم المتحدة.
وأشارت الشيخة حصة إلى أنها شهدت ذلك من خلال وجودها في الميدان عندما قامت بزيارة
عدد من مخيّمات اللاجيئن من بينها مخيّمات العراقيين داخل سوريا في دمشق ومخيّم
الوليد على الحدود.. مؤكدة صعوبة الدور الذي تقوم به في التعاطي مع هذه القضايا،
وهذه الفئة التي تُعتبر من أكثر الفئات التي تتعرّض للظلم والاضطهاد.
وأضافت: إن للعنف نتائج سلبية تتمثل في التأثير على الأسرة، وعلى وجود المرأة في
أماكن العمل، وعلى مستوى الثقة الذي ينعكس على وجود المرأة في أماكن العمل وعلى
مستوى الثقة بذاتها الذي ينعكس على المستوى التربوي للأطفال، ومن ثم أداءها الوظيفي
وعلى مساهمتها في التنمية. وأضافت الشيخة حصة: إنه ومن خلال خبرتها السابقة كمقرّر
خاص للإعاقة، فإن العنف يخلق نساء لديهن إعاقات بدنية أو إعاقات نفسية. وقالت: بسبب
علاقتي مع المفوضية العليا للاجئين مؤخراً أصبح لديّ اهتمام كبير بالمرأة اللاجئة،
والتي تُعاني من التمييز متعدّد الأبعاد، مؤكدة أن هؤلاء النساء مهما يكون لديهن من
امتيازات على المستويين الاجتماعي والثقافي، فهن في نهاية المطاف فاقدات لكل شيء.
وأشارت إلى نموذج آخر من المرأة المعنفة، وهو نموذج المرأة الذي ظهر من خلال
الثورات التي حدثت مؤخراً بالمنطقة، وظهور العنف السياسي .. مشيرة الى استهداف
المرأة في اليمن عندما ظهرت على الرغم من أنها محجبة ومنقبة إلا أنها استهدفت
لمجرّد أنها عبّرت عن رأيها، وأيضاً المرأة في مصر والتي كانت أحد المحرّكين للثورة
إلا أنه وعلى الرغم من أنه لم تُتح لها الفرصة لتكون قيادية، وكذلك المرأة في ليبيا
لم يكن هناك نساء في تشكيل المجلس الانتقالي، بمعنى أنها تعرّضت لعنف غير معلن من
خلال الإبعاد السياسي الذي يترسّخ في الثقافة الذكورية.
وقالت الشيخة حصة: إنها ليست من المنضمّين لمنظمات حقوق المرأة، لكنها ترصد ملاحظات
عامة تُعانى منها المجتمعات بسبب ترسيخها ضمن ثقافة، لا بد من العمل على تفتيتها،
وأعربت عن تفاؤلها بأن قضية رفع الوعي ستُحدث تغيّرات خاصة على مستوى الأجيال
الصغيرة.
وأشارت إلى دراسة الباحثة آمنة المسند من طالبات الثانوية التي تناولت العنف
المنزلي في بحث يُعتبر كمشروع تخرج عن العنف المنزلي في دول الخليج تعرّضت فيه
لمجتمعين في منطقة الخليج وهما: المملكة العربية السعودية وقطر.. وجاء في الدراسة
أن المجتمعين متشابهان في الثقافة والعادات والتقاليد، إلا أنها ومن خلال المقارنة
بين وسائل الإعلام من الصحف وجدت أنه وعلى الرغم من أن المجتمع السعودي يبدو أنه
أكثر تحفظاً والتزاماً، لاسيما أن قطر في السنوات الأخيرة شهدت نوعاً من الانفتاح،
فقد ظهر العكس بأن هناك كشفاً أكثر عن حوادث العنف المنزلي في المجتمع السعودي بما
في ذلك ما يحدث للفتيات والنساء داخل المنازل، تبيّن أن الاعلام السعودي كان أكثر
انفتاحاً في الكشف عن مثل هذه الحوادث، الأمر الذي يعني أن عملية رفع الوعي قد تكون
في هذا المجتمع أسرع إذا أخذ الإعلام كأحد المؤثرات الرئيسية في هذه المسألة، وأكدت
أهمية تفعيل التوصيات خاصة فيما يتعلق بعملية رفع الوعي والتصدّي للآليات
والاستراتيجيات لحوادث العنف والوصول إلى خطة إقليمية للتصدّي لهذه الظاهرة
قرار
أميري رقم (23) لسنة 2002 بشأن المجلس الأعلى لشؤون الأسرة
الداخلية
تعرف طالبات الريان بحقوق المرأة القانونية
الأسرة
يناقش جودة الخدمات النفسية والاجتماعية المقدمة لحماية المرأة
خط
ساخن لحماية المرأة والطفل من العنف
حملة
"أوقفوا الصمت" تحمي كرامة المرأة
حقوق
الإنسان تنظم ورشة إقليمية حول العنف غدا