قطر- جريدة العرب -السبت
23 يونيو 2012م – الموافق 3 شعبان 1433هـ - العدد: 8777
شركات تخالف قانون
وقف العمل في الأماكن المكشوفة
من 11:30 ظهراً إلى 3 عصراً
عمال يستنجدون بالجهات
المختصة لحمايتهم من العمل تحت الشمس
رغم قانون وزارة العمل الذي ينظم ساعات العمل أثناء فترة الحر لا تزال بعض الشركات
تجبر عمالها على مزاولة العمل -في الأماكن المكشوفة- إلى ما بعد فترة الظهيرة
مخالفة بذلك القانون الذي ينص على توقف العمال عن مزاولة الأعمال في الأماكن
المكشوفة عند تمام الحادية عشرة والنصف إلى الساعة الثالثة عصرا، ومع بداية موسم
الحر وارتفاع درجة الحرارة تزداد معاناة هؤلاء العمال الذين يجدون أنفسهم مجبرين
على الوقوف تحت أشعة الشمس الحارقة لساعات قد تمتد من الصباح الباكر إلى الساعة
الثانية بعد الظهر، الأمر الذي يستوجب من وزارة العمل إلزام الجهات التي يعمل لديها
هؤلاء بالتقيد بالقانون القاضي بوقف العمل في الأماكن المكشوفة بعد الحادية عشرة
والنصف ظهرا حتى الساعة
الثالثة عصرا.
وتتسبب متابعة العمال لأنشطتهم المرهقة في عز الظهيرة بوقوع حالات إغماء وإعياء
كثيرة للعمال مما يجعل بعض أحياء الدوحة تعيش بشكل شبه يومي على أصوات سيارات
الإسعاف التي تهرع إلى المكان عندما يسقط عامل هنا أو هناك نتيجة للإجهاد والإعياء
الناتج عن العمل في مثل هذه الظروف.
«العرب» قامت بجولة في بعض أحياء الدوحة والتقت ببعض العمال الذين يزاولون عملهم
خارج الوقت المحدد من طرف وزارة العمل، ورغم خوف بعضهم من التقاط صورة له والحديث
للصحافة وافق البعض الآخر، بينما اكتفى آخرون بالحديث فقط حول ظروف عملهم الصعبة.
عبدالقيوم محمد أحد العمال الذين يقومون بإعادة تأهيل بعض الشوارع يؤكد تعرضه هو
وزملائه للكثير من المآسي الناتجة عن تعرضهم المباشر للشمس الملتهبة في مثل هذا
الجو البالغ الصعوبة، مؤكداً وجود الكثير من الشركات التي لا تلتزم بقرارات الدولة
التي لا تجيز العمل بعد الحادية عشرة والنصف أثناء موسم الحر، ولفت إلى أن العامل
الذي يبدي اعتراضا على العمل في مثل هذه الظروف يجد نفسه ضائعا بعد خصم راتبه أو
الاستغناء عن خدماته لأنه تجرأ على المطالبة ببعض حقوقه كآدمي.
ونبه عبدالقيوم على وجود فئة من مسؤولي شركات المقاولات من جنسيات عربية مختلفة
تتعامل مع العمال كما لو كانوا آلات خلقت للأشغال الشاقة، فكم من عامل –يضيف
عبدالقيوم- تعرض للإغماء وسقط من فوق عربة أو سقالة بسبب ضربات الشماس لأن مسؤول
البناء يصر على عدم توقف العمل وفاء بالتزامه لصاحب العمارة أو للجهات المسؤولة عن
تأهيل الشوارع والذي حدد لهم فترة زمنية لتسليم هذه المشاريع مهما كانت الظروف، وهو
بهذا الالتزام لا يعتمد على كثرة العمال وتوفير الأدوات! وإنما لقدرته على إجبار ما
لديه من عمال على مواصلة العمل ليل نهار وفي مختلف الظروف بغض النظر عن مخالفة
القوانين المحددة للعمل، وبغض النظر كذلك عن المحافظة على حياة العمال الذين يجب
عليهم أن يعملوا ويعملوا حتى يفي المراقب بالتزامه ويستلم شيكا بحقوقه، فالعمال
بالنسبة لهذا المسؤول ليسوا أكثر من وسائل لتحقيق مكاسب وحياتهم وصحتهم ليست بالقدر
من الأهمية التي تجعل بعض المراقبين يبادر إلى إراحة العمال عندما تكون الظروف صعبة
وغير ملائمة.
وأبدى عبدالقيوم حسرته على الظروف التي أجبرته على هذه الأعمال قائلا: مع كل ما
ذكرته لا ألوم سوى الظروف التي وضعتني في هذا المكان، فأنا مجبر على طاعة رب العمل،
لكن عندما يحين موعد استلامي لحقي المتمثل في راتبي الشهري يبدأ رب العمل في
المماطلة والمواعيد التي قد تستمر أشهرا، لذا أناشد الجهات المسؤولة عن حماية حقوق
الإنسان في قطر وتلك المسؤولة عن تطبيق قانون العمل في موسم الحر القيام بدوريات
وتفتيش على مختلف المناطق، وكلي ثقة بأنهم سيكتشفون مخالفات يومية على هذا الصعيد.
ساعات يوم الصيف أطول
أما العامل «راجز» فقد أشار إلى أن بعض شركات المقاولات لا تبدأ بتنفيذ مشروعاتها
إلا في فصل الصيف نظراً لساعات اليوم الطويلة مقارنة مع موسم الشتاء، ففي مثل هذه
الأيام تمر الساعات طويلة وثقيلة على العامل الذي يبدأ يومه العملي منذ ساعات الفجر
الأولى ولا تنتهي إلا بعد الظهر، وقد تستمر أكثر من ذلك في حالة ما إذا كان مسؤول
البناء من أولئك الذين لا يهتمون بحقوق غيرهم وما أكثرهم في هذا القطاع الذي يشهد
الكثير من الممارسات التعسفية بحق العمال الذين يجدون أنفسهم بين مطرقة الحاجة إلى
العمل وسندان تعسف المراقبين والإداريين في الشركات التي يعملون بها، ومن أبسط
أنواع التعسف التي يتعرض لها عمال البناء على أيدي الإداريين ومسؤولي الشركات -يضيف
راجز- قيامهم بخصومات من الرواتب المتدنية في حالة ما إذا سولت للعامل نفسه
المطالبة ببعض حقوقه أو الاعتراض على العمل في الظروف الصعبة التي يمكن أن تعرضه
للهلاك.
فتح الملفات
وطالب راجيز الجهات المختصة بتنظيم أوقات العمل في موسم الحر النزول إلى الميدان
وفتح ملفات الشركات المخالفة التي لا تتقيد بالقانون، مؤكداً أن الذي يلتزم
بالقانون هي شركات قليلة لا تقارن بتلك التي لا تلتزم.
وتساءل راجيز عن الجهة التي تقع عليها مسؤولية وفاة أحد العمال الناتجة عن إجباره
على العمل في ظروف غير ملائمة، وهل مالك الشركة التي تجبر العمال على العمل في ظروف
خطيرة يعي أن أي إصابة أو حالة وفاة لعامل إنما يتحمل وزرها مناصفة مع المراقب
المباشر؟ إذ من غير المعقول أن يظل ملاك الشركات متوارين عن الأنظار ويتركون مديرين
من جنسيات أخرى يمارسون ظلم العمال وتعريض حياتهم للخطر.
لا نعرف قانوناً يحدد
ساعات العمل
ولدى تناولهم لهذا الموضوع نفى عمال إحدى الشركات علمهم بقانون وزارة العمل المنظم
لساعات العمل أثناء موسم الحر لأن وضعهم العملي لم يتغير منذ قدومهم وذلك
لاستمرارهم في العمل منذ الصباح وحتى حلول المساء لأن الورشة التي يقومون بتشييدها
يتم بناؤها حسب خطة مدروسة تحتم إنجاز قدر معلوم من البناء كل يوم بغض النظر عن
فترة الحر أو البرد، ففريق العمال عند هذه الشركة يعمل بنظام الشفت، شفت النهار
وشفت الليل، وبالتالي لا يوجد التزام من طرف الشركة بعدد ساعات العمل المحددة في
القانون إن وجدت، فعامل البناء -رغم انخفاض راتبه- يعمل دون كلل ويتحمل المعاناة
اليومية والظروف الصعبة من أجل حصوله على راتب زهيد آخر الشهر يستطيع معه تأمين
لقمة عيش لعائلته في وطنه الأم، ولا يفكر بقانون ينظم ساعات العمل لأن جسمه قد تعود
على لفحات الشمس الملتهبة وعلى طاعة أوامر مسؤول البناء المباشر الذي لا يكف عن
تهديده لأتفه الأسباب وتذكيره بأن أي اعتراض منه على طبيعة العمل قد تكلفه عمله
والمطالبة باستعادة المبالغ التي صرفت على استقدامه.
لا إسعافات أولية
وكشف العامل «جيبين» نيابة عن زملائه عن حالات إغماء كثيرة سببتها ضربات الشمس أو
فقدان السوائل من الجسم وقعت أمامه واحتاج معها زملاء كثر إلى نقلهم للمستشفى لتلقي
العلاج لغياب الإسعافات الأولية التي يمكن أن تساعد العمال في مثل هذه الحالات
الطارئة قبل نقلهم للمستشفى في مواقع العمل في حال تعرض أي منهم لضربة شمس أو أي
حادث طارئ.
معاناة كبيرة
بدوره يتدخل «سولار» متحدثا عن معاناته هو وزملائه هذه الأيام قائلا: بدأنا نعاني
كثيرا من درجات الحرارة المرتفعة التي تسبب العديد من المعاناة النفسية والإجهاد
البدني لنا كعمال، الأمر الذي يجعلنا ننتظر فترة الراحة -التي قد لا تأتي إلا بعد
الساعة الواحدة أو الثانية ظهرًا- بكل شوق، وقد يتوقف العمل عند فترة الظهيرة لكن
ذلك لا يكفي، فالعمال إذا توقفوا عن العمل وتُرِكوا في نفس المكان لن يشعروا
بالراحة مطلقا، وقد تجدهم متفرقين تحت الأماكن المظللة وفي الدكاكين القريبة منهم،
والمحظوظ من يجد له موطئ قدم عند البقالة المجاورة، وهناك آخرون يفضلون النوم داخل
المنشآت التي يعملون فيها تفادياً لأشعة الشمس لكن درجة الحرارة تكون مرتفعة
والرطوبة أقوى من أن تترك النوم يأخذ طريقه لعيونهم، وللجميع تخيل مزاولة ما يشبه
الأعمال الشاقة في درجة حرارة تصل إلى 50 درجة مئوية دون وجود أحد يرحم أو يلتفت
إلينا بنظرة شفقة، وقد سمعنا عن أن هناك قانونا يمنع العمل في البناء تحت درجات
حرارة مرتفعة ولكننا نتحمل ذلك من أجل لقمة العيش ومستقبل أولادنا ورغبة منا في عدم
الجلوس في المنزل وقطع رزقنا من قبل الشركة والبدء في البحث عن كفيل جديد، وهي
الدوامة التي يقع غيرنا فيها عندما يحاولون المطالبة بحقوقهم التي لا يعترف بها
أحد.
من هنا –يضيف- سولار نطالب أرباب العمل بإلزام المسؤولين المباشرين بالتقيد بساعات
العمل أثناء فترة الحر وتوفير سيارات نقل مكيفة تنقل العمال من مكان العمل إلى
سكنهم لأخذ قسط من الراحة قبل فترة العمل المسائية، بالإضافة إلى تشديد الرقابة على
المخالفين ووضع غرامات تجبرهم على احترام القانون لأن المقاول وصاحب العمل لا
يهتمان إلا بإنجاز المشروع مهما كانت النتائج، كما نتمنى أن تكون هناك إسعافات
أولية في المواقع يستطيع معها العمال إنقاذ بعضهم في حالات الإغماء المفاجئة التي
تكثر هذه الأيام.
نحترم القانون وحقوق العمال
وبينما كان الحديث دائرا بيننا وبين العمال حول ظروف عملهم الصعبة وصل المراقب أبو
وليد إلى الموقع وسألناه عن سر بقاء هؤلاء العمال في مواقعهم رغم الحرارة المرتفعة
والقانون الصريح الذي يحدد ساعات العمل أثناء فترة الحر بقوله: بداية هؤلاء العمال
يقومون بإعادة تأهيل هذه الشوارع وسفلتتها من جديد وأسباب وجودهم حتى هذه الساعة
تعود إلى أن الفترة المحددة لانتهاء العمل في الشارع قد شارفت على النهاية وهذا هو
سر تأخرهم في العمل.
أما يتعلق باحترام قانون وزارة العمل –يقول أبو وليد- أستطيع أن أكد أن العديد من
الشركات تحترم هذا القانون وتلتزم به حفاظا على مصلحة الجميع، والالتزام بالقانون
المذكور يصب في مصلحة الشركات قبل العمال، فالمقاول الذي يكفل العمال لا شك أنه
سيخسر مبالغ أكثر في حالة ما إذا تعرض أحدهم لمخاطر صحية لأنه هو من سيدفع تكاليف
العلاج، وهو الذي سيتوقف العمل في المشروع الذي يقوم على إنجازه في حالة مرض
العمال، لذا نحن نقدر ونحرص على صحة العمال الذين يعملون معنا، وفي الحالات العادية
ما إن تبدأ الشمس في الارتفاع حتى نخلي معظم الأماكن التي يوجد بها عمالنا من
العاملين فيها ونعود بهم إلى مساكنهم للراحة، وعند هبوط درجات الحرارة نقوم بإرسال
فريق عمل آخر مسائي إلى نفس المكان لمواصلة العمل، وهذا الإجراء يخدم مصلحة الجميع.
هناك أوقات تتطلب مواصلة العمل
وأشار أبو وليد إلى بعض الأمور التي تتطلب مواصلة العمل في مختلف الظروف، لكن بشرط
عدم تعريض حياة العمال للخطر، وذلك يتم عبر تقسيمهم إلى أربعة شفتات يعمل كل شفت 3
أو 4 ساعات حتى يتسنى إتمام العمل في وقته المحدد دون إضرار بأي طرف، وما لا يدركه
البعض هو وجود اتفاق وعقود مبرمة بين المقاول ومالك العقار تستوجب من المقاول تسليم
العقار في فترة محددة وأي تأخير أو خلل في الموعد يتحمل المقاول نتائجه السلبية
المادية والمعنوية، لذا لا مفر من استمرار العمل لأننا ملتزمون بمواعيد تسليم يجب
الوفاء بها، مع العلم أن هناك أجزاء من العمل يتطلب إنجازها في الموعد المحدد،
وأحيانا تعترضنا بعض الصعاب في هذا المجال خصوصا أثناء موسم الحر الذي يجعلنا أمام
خيارين: إنجاز المشاريع وتسليمها في الموعد المحدد من جهة، والمحافظة على صحة وحياة
العمال وعدم تعريضهم لضربات الشمس القاتلة من الجهة الأخرى، وهذا ما جعلنا نقوم
بتمديد فترة العمل ليلا وتعويض العمال عن الساعات الإضافية التي عملوا بها بعد
انتهاء الدوام الرسمي، لأن قانون العمل واضح في هذا المجال ونحن ملزمون به، وهذه
أمور يعلمها المختصون في عالم المقاولات والبناء، ومن شبه المستحيل القيام بتلك
الأعمال ليلا، لكن هذا لا يمنع من الاعتراف بحقوق العمال وعدم تكليفهم من العمل ما
لا يطيقون، ويمكنني الحديث عن نفسي حيث أستطيع أن أكد أن العامل في شركتنا إذا تعرض
لأي متاعب صحية أبادر بنقله لأقرب مستشفى بسيارتي حتى أشعره بأهميته كإنسان وكفرد
من فريقنا لا يمكن إنجاز العمل من دونه، فأنا أسعى دائما لإشعار العامل بأننا فريق
واحد كل منا يحتاج لجهود الآخر وبالتالي علينا مساعدة بعضنا بعضا والحرص على مصالحه
حتى يستفيد الجميع لأن المشاريع التي نعمل على إنجازها كثيرة ومتفرقة.
القانون
وفقاً لآخر تعديل - قانون رقم (14) لسنة 2004 بإصدار قانون العمل
قرار وزير شؤون الخدمة المدنية والإسكان رقم (20) لسنة 2005 بشأن الاحتياطات
والاشتراطات اللازم توفرها في مناطق وأماكن العمل لحماية العمال والمشتغلين فيها
والمترددين عليها من أخطار العمل
قرار
وزير شؤون الخدمة المدنية والإسكان رقم (16) لسنة 2007 بتحديد ساعات العمل في أماكن
العمل المكشوفة خلال الصيف
مجلس
الوزراء يوافق علي تعديل قانون العمل
قانون
العمل القطري أرسي حقوق العمالة المؤقتة
قرار
تحديد ساعات العمل في الصيف في قطاع المقاولات
ضربات
الشمس تطارد العمال بسبب عدم التزام الشركات بقرار تحديد ساعات العمل