قطر-جريدة
الراية- الخميس ٢٠ ديسمبر ٢٠١٢ م، الموافق ٧
صفر ١٤٣٤ هـ
القانون يهدر حقوق المحامين.. والمهنة في خطر
نصف أتعاب المحامين تذهب للمرور بسبب مخالفات الوقوف في الممنوع
القانون لا يكفل الحقوق الماليّة للمحامين .. وقانون التقاعد لا يشملهم
ندفع ثمن بطء إجراءات التقاضي وتأخُّر إنشاء مجمع للمحاكم
قانون المحاماة يحتاج للتعديل .. وجمعية المحامين تبحث عن دعم
عيوب فنيّة في تسجيل الدعاوى إلكترونيًّا وراء العودة للنظام التقليديّ
الكفلاء أصبحوا الطرف الضعيف في منازعات هروب الخادمات
مطلوب دمج مكاتب المحاماة القطريّة لمواجهة غزو المكاتب الأجنبيّة
حوار - منال عباس :
طالب المحامي أحمد السبيعي بتعديل قانون المحاماة للارتقاء
بالمهنة وصيانة حقوق المحامين. وأكد في حوار خاص مع الراية أن المحامين يمثلون
القضاء الواقف، وأحد أركان تحقيق العدالة، إلا أن قانون المحاماة لا يحفظ حقوقهم في
الأتعاب، لافتًا إلى أن بعض المحامين يحصلون على أتعابهم بعد عامين من الحكم في
الدعوى بسبب مماطلة الموكلين.
ورفض اتهام المحامين بأنهم السبب الرئيس في بطء إجراءات التقاضي، لافتًا إلى أن عدم
إنشاء مجمع للمحاكم وانتشار المحاكم في أماكن متفرقة ساهم في كثير من الأحيان في
تأخر المحامي والمتقاضين عن حضور جلسات المحكمة، ما يعني تأجيل وشطب العديد من
القضايا.
وأكد أن ضرورة دعم المحامين في اختيار مقر دائم لجمعيتهم، والموافقة على سريان
قانون التقاعد على أعضاء جمعية المحامين مقابل تحصيل اشتراكات شهرية لصالح هيئة
التقاعد والمعاشات، وفقًا لاختيار الأعضاء.. وفيما يلي تفاصيل الحوار:
في البداية ما الصعوبات التي تعيق عمل المحامين في الوقت الراهن
الصعوبات لا حصر لها في مقدمتها توزيع المحاكم والجهات القضائية وتشتت المحامي بين
هذه المحاكم وتعذر حضور عدة جلسات في ذات الوقت يسبب الكثير من المشاكل بين المحامي
والموكل، بسبب إلزامه بالحضور بشخصه في المحاكم ما ينتج عنه التأخير في الفصل في
الدعاوى مما يترتب عليه ضرر للموكل بالرغم من أن المحامي ليس له ذنب في هذا الضرر
الواقع على موكله لذا نلتمس بإيجاد مجمع للمحاكم أسوةً بالبلدان المجاورة وبقية
بلدان العالم، لما لهذا المجمع من فائدة قصوى للمحامين وأعضاء النيابة والقضاة
والمتقاضين.
كثير من المحامين يشتكون أيضًا من وصولهم في الموعد المحدد للمحكمة إلا أنهم
يتأخرون في البحث عن مواقف لسياراتهم؟
مواقف السيارات مشكلة مزمنة في قطر وأكثر من يعاني منها هم المحامون والمراجعون
أصحاب القضايا والإداريون الذين يعملون في المحاكم ومندوبو المكاتب لأنهم ملزمون
بالحضور يوميًا لإنهاء قضايا الموكلين المعلقة على عاتق المحامي، وكثير من المحامين
يتعرض لدفع غرامات الوقوف في الممنوع كلما توجه لحضور جلسة بسبب عدم وجود مواقف،
فندفع نصف أتعابنا لمخالفات المرور.
وماذا عن قانون المحاماة؟
بالرغم من أن القانون لم يقيد عدد المحامين غير القطريين الذين لهم الحق في الحضور
باسم المكتب أمام الجهات القضائية (المادة 9 من قانون المحاماة) وبعض المكاتب ليس
لديها من يمثلها، أي أن المحامي القطري يتحمل مسؤولية توزيع المحاكم وتبعثرها.
وبالرغم من أن النص في المادة 9 بدأ بكلمة " للمحامين غير القطريين " وهنا يفهم من
النص أنه يجوز أن يمثل المحامي القطري أمام القضاء أكثر من محامٍ غير قطري، فإذا
صدر قرار يخالف النص فإنه يعني عدم المشروعية ولا يجوز تطبيقه، وهنا يجب أن يطبق
النص بدون قيد أو شرط لأنه لايجوز تقييد المطلق بغير قيد من المشرع، وإنما يجب أن
يؤخذ النص على إطلاقه.
كيف يمكن كفالة تلك الحقوق للمحامين؟
مطلوب الارتقاء بقيمة مهنة المحاماه نظرًا لأهمية دورها في المجتمع كونها مهنة
خدمية إنسانية اجتماعية لأن هدفها أسمى من ذلك وهو المساعدة في تحقيق العدالة
وتساهم مع القضاء في إرساء قواعدها والمشاق والتحديات التي تواجهها لا يعلمها إلا
من مارس هذه المهنة.
هل مبالغ انتداب المحامين كافية كأتعاب؟
المبالغ التي ترصدها المحاكم للمحامين المنتدبين من قبلها للدفاع عن المتهمين، هي
بالطبع مبالغ زهيدة ولا تعادل الجهد الذي يبذله المحامي في الحضور والترافع وأسئلة
الشهود وكتابة المذكرات، ناهيك على أن الدعاوى تأخذ سنة على الأقل لحين الفصل فيها،
ومن حق المتهم أن يستأنف وتدخل الدعوى في سنة أخرى ومن ثم يعاد إلى محكمة أول درجة
للموافقة على صرف أتعاب المحامي، ومن ثم تحال الموافقة على صندوق المحكمة، أي يظل
المحامي مدة سنتين حتى يقبض أتعابه الزهيدة، وأخشى أن يؤثر ذلك على المجهود المطلوب
من المحامي، لأن المحاماة هي مهنة سامية تعتمد على ضمير المحامي في المقام الأول
بصرف النظر عن المقابل المادي.
كيف استفاد المحامون من الثورة التكنولوجية؟
منذ عامين تقريبًا بدأت المحاكم إدخال نظام تسجيل الدعاوى إلكترونيًا عن طريق شبكة
الإنترنت، لكن أغلب مكاتب المحاماة وجدت في هذا النظام الكثير من عيوب البرمجة
واستغنت عنه ولجأت إلى الأسلوب التقليدي، وكان من المفترض أن يوجد نظام يوفر الوقت
والجهد على العاملين في هذا المجال من مندوبي المكاتب والمراجعين وموظفي التسجيل،
وليس في تسجيل الدعاوى فقط، إنما في الحصول على صور الأحكام والقرارات وملفات
الدعاوى وتواريخ الجلسات وإذا كان هناك أي تأجيلات إدارية، بمعنى آخر نظام يوفر
جميع الخدمات التي تقدمها المحكمة عن طريق الإنترنت ونخفف العبء البشري عن كاهل
المراجعين والمتقاضين، بدلاً من الحضور للمحكمة لكي يسأل أو يستفسرعن شيء معين،
ويوفر عليه مشاكل الازدحام ومواقف السيارات والمخالفات.
ما التحديات التي تمثلها مكاتب المحاماة العالمية ؟
نص المشرع على الترخيص للمكاتب العالمية في المادة (7) من قانون المحاماة، ونص على
أنها يجب أن تتمتع بخبرات متخصصة وتقوم بأعمال المهنة التي يحددها الترخيص، وهذه
المكاتب يجب أن تكون تابعة للمكاتب الرئيسة التي بالخارج، وهناك مخاطر تهدد المهنة
منها أن تُسحب الدعاوى ذات النزاعات الداخلية المحلية التي من الممكن أن يتولاها أي
مكتب محامٍ قطري، لأن عدد مكاتب المحامين القطريين مازال قليلاً، أي يجب ألا ينتج
عن الترخيص لتلك المكاتب تشكيل منافسة غير عادلة, وبالتالي سيضر بالمكاتب القطرية
التي ليس لديها مورد آخر للرزق غير هذه المهنة، ومن الممكن تحديد المهام بقرار من
مجلس الوزراء التي يمكن القيام بها بواسطة المكاتب العالمية على سبيل المثال ألاتقل
الدعوى عن مبلغ معين أو يشترط أن يكون طرف الدعوى أجنبيًا أو بتحديد مواضيع معينة
تتولاها على سبيل الحصر، وذلك حتى لا تتقلص مكاتب المحامين إذا لم يجدوا مصدرًا
لرزقهم.
ماذا عن الرخصة التجارية المفروضة على المحامين؟
أريد أن أعرف من المسؤولين لماذا يشترط الحصول على رخصة تجارية من وزارة الأعمال
والتجارة حتى يتمكن المحامي من فتح مكتب أو الاستمرار في المهنة، وعليه أن يجدد
الرخصة سنويًا وبالتالي يُعامل المحامي كمثل أي صاحب دكان داخل الفريج، ألا يكفي
الرخصة الممنوحة له بمزاولة المهنة الصادرة من لجنة قبول المحامين (وزارة العدل)،
ولماذا يتوقف وجود هذه المهنة في المجتمع واستمراريتها على جهة إدارية ليس لها أي
علاقة بالمهنة.. أعتقد أن المشاكل التي يعاني منها المحامي ومكتبه تحتاج إلى تضافر
الجهود والاهتمام من المسؤولين لأن هذه المهنة مظلومة، أولاً لأن البعض لا يعتبرها
من وجهة نظره مهنة ضرورية للمجتمع، وظُلمت مرة ثانية بأنها اعتبرت كأي مهنة تجارية
ربحية وتحتاج إلى رخصة تجارية وفي موقع تجاري وظُلمت للمرة الثالثة بأنها لم تتمتع
حتى من التمديد القانوني لإيجار المحال التجارية.
ما الدور المنوط بجمعية المحامين ؟
نطالب أولي الأمر والمسؤولين المهتمين بإعلاء دور الجمعية وبالسماح للرسوم التي
تدفع من قبل المتقاضي كمقابل لأتعاب المحاماة وهي مبلغ زهيد يقدر بمئتي ريال، أن
يحال هذا المبلغ ويخصص إلى صندوق الجمعية، وخصوصًا أن هناك رقابة على الجمعية من
قبل إدارة الجمعيات والمؤسسات الخاصة بوزارة الشؤون الاجتماعية، فكيف تتمكن أية
جمعية أو مؤسسة خاصة من القيام بدورها وبالواجبات المكلفة بها بدون أية مخصصات أو
موارد مالية من الدولة سنويًا على الأقل، لكي تتمكن من تحقيق الهدف الذي أنشئت من
أجله، وفي البلدان الأخرى تعتبر هذه الجمعية من أهم مؤسسات المجتمع المدني التي
تتميز بها دولة المؤسسات والقانون وتسأل : هل يُعقل أنه حتى الآن لايوجد مقر
للجمعية
لذلك نلتمس أيضًا من المسؤولين وأولياء الأمور الموافقة على سريان قانون التقاعد
على أعضاء الجمعية مقابل دفع الاشتراكات المطلوبة منهم لهيئة التقاعد والمعاشات
وذلك على حسب رغبة العضو المستحق.
يتردد أن من الصعب للمحامي التواصل المباشر مع الكتبة.. وإيجاد وسيط ما يعيق سير
العمل ما مدى تأثير ذلك؟
كتبة الجلسات والإداريون ورؤساء الأقلام ومحضرو الإعلانات والتنفيذ وجميع الإداريين
الذين يعملون بالمحاكم هم معاونون للقضاء، هذه الفئة من الإداريين ملقى عليهم عمل
إداري كبير نحو كل ملف أو قضية من متابعتها من حيث القرارات التي تصدر بداخل الجلسة
والإجراءات التي عليه أن يتابعها بعد الانتهاء من الجلسة وإعلانات وإصدار كتب إلى
الجهات المعنية بالدولة ومراجعة مندوبي مكاتب المحامين والمتقاضين لمعرفة سير
الدعوى والاتصال بالخبراء وإيداع التقارير وتلقيها من الجهات المعنية ويتحمل
مسؤولية فقدان أي مستند، وطبعًا يعانون من مشاكل أكثر من التي ذكرتها مثل نقصان من
القوى البشرية الإدارية فأتمنى من الجهة الإدارية التي يتبعونها أن تضيف أشخاصًا
مساعدين لهم وتوفير أجهزة مساعدة مع الصيانة الدورية لأجهزة الكمبيوتر وأجهزة
التصوير وكلها مشاكل إذا قورنت تكلفتها من الناحية المادية تعتبر مشاكل تافهة.
يقولون إن المحامي القطري غير متفرغ للمهنة ؟
على العكس.. مهنة المحاماة مثل مهنة الصحافة (مهنة المتاعب، وأخر الشهر يدفع حساب
المكتب من جيبه، لذلك القانون لا يعتبرها مهنة تجارية، إنما أكثر المهن التي
تشابهها هي مهنة ممارسة الطب لأن المهنة الأخيرة يعتبرها الجميع إنها مهنة إنسانية
وبالرغم من ذلك تجد المستشفيات والعيادات الخاصة التي تقوم أساسًا على الربح أولاً
مقابل معالجة المرضى ثانيًا، وللعلم هناك محامون قطريون يقبلون قضايا مجانًا لوجه
الله وبالذات قضايا الأسرة والعمالية، وبالرغم من طبيعة مهنة المحاماة ونص القانون
الذي يحظر على المحامي الاشتغال بالتجارة إلا إن الجميع ينظر لها على أنها مهنة
تجارية.
ما تقييمكم لقضايا الخدم ومن في حكمهم، وهل تعتبر ظاهرة؟
أي ظاهرة في المجتمع لايمكن أن تعالج إلا إذا واجهنا أسبابها بذات النزاهة
والشفافية والوضوح وطبعًا كل ذلك يعتمد على مدى الرغبة الصادقة في علاج الظاهرة.
الخادم ومن في حكمه يأتي إلى بلادنا وهو متأكد تمامًا أنه لن يخسر شيئًا بل بالعكس
له ما يشتهي في أن يعمل في أي مكان يريده (لأن الغرامة التي ستوقع عليه لن يدفعها
بل سيمكث في الإبعاد بضعة أيام في ضيافة خمس نجوم ويمنح بعدها تذكرة مغادرة مجانية
من الدولة) حتى ولو كان مدينًا إلى كفيله أو غيره، فأقصى جزاء يلاقيه هو الإبعاد.
نطالب الإخوة المشرع والقائمين على تنفيذ اللوائح والقرارات الفردية التي لا يجوز
لها أن تخالف القانون ولجنة حقوق الإنسان أن تنظر إلى الكفيل بنظرة متعادلة مع
المكفول لأن الكفيل القطري يمثل الجانب الأضعف ويحتاج إلى من يعيد إليه خسائره التي
تكبدها من أجل إحضار المكفول، ومكتب الخدم أصبح غير مسؤول بعد انقضاء الثلاثة أشهر،
والخادم ومن في حكمه سيدعي بأنه لا يملك شيئًا، إذن من سيُعوض الكفيل عن خسائره ؟
ما القوانين التي تحتاج للتعديل لدعم حقوق المحامين ؟
أولها قانون المحاماة به الكثير من النصوص التي تحتاج إلى تعديل حتى تطابق الواقع
والمنطق، وأتمنى أن يُنظر في مشروع التعديل من قِبل المحامين لأن هم الذين سيطبق
عليهم القانون، لذا يجب مشاركة جميع المحامين وأخذ آرائهم واقتراحاتهم ويسبق ذلك
اجتماعات تحددها جمعية المحامين وتلك من مظاهر النزاهة والشفافية في دولة المؤسسات
والمجتمع المدني، فأتمنى أن يؤخذ رأيهم أولاً بدل من معاناتهم منه في المستقبل.
ولا أريد أن يُفهم من أقوالي سحب صفة التشريع وإحالتها للمحامين وإنما أقصد أن
مرحلة المشروع لأي قانون أن تأخذ وقتها الكافي، وخاصةً نحن في انتظار تشكيل السلطة
التشريعية التي نص عليها الدستور، لذا لن تكتشف عيوب التشريع بعد صدوره وتطبيقه في
المحاكم إلا من خلال المحامين الذين يتعاملون يوميًا مع تلك النصوص، إذن الأولى أخذ
رأيهم من البداية والقرار الأخير طبعًا للجهات المختصة، وفي بعض البلدان الأخرى
يُعرض المشروع على العامة من خلال جميع وسائل الإعلان ويُؤخذ رأيهم طالما أنه سيطبق
عليهم، وبعد شهر من تاريخ نشره (المادة 142 من الدستور) وبعد أخذ رأي أهل الخبرة
(القانونين والمحامين) وبعد الاستفتاء عليه وأخذ الرأي العام قبل التصديق على
المشروع ,(لا خاب من استشار، وأمرهم شورى بينهم).